مقالات

أسامة يماني : أين الرئيس أوباما من حقوق الإنسان؟

دخلت أميركا في مفاوضات طويلة مع إيران من أجل التوصل إلى اتفاق نووي استراتيجي يطوي الصراع الإيراني مع الغرب، كانت إيران أثناء هذه المفاوضات تتمدد على الأرض في العراق على مرأى من أميركا، بل وبتنسيق معها، فأرسلت المقاتلين والأسلحة وأنشأت المليشيات المسلحة في العراق وقاتلت إلى جانب الأسد، وانتهكت سيادة لبنان، حتى أصبح لبنان رهينةً لحزب الله الإيراني بامتياز.

انتهكت إيران المعايير والقواعد والأسس الديموقراطيّة كافة، ففرضت المالكي في العراق على رغم فوز قائمة علاوي، ورفعت إيران شعار الموت لإسرائيل لكسب تعاطف الشعوب العربية، ولاستخدامها ورقة في المفاوضات مع أميركا والغرب، فأين كان الرئيس الأميركي من حقوق الإنسان في العراق، الذي انتهك في ظل حكومته؟
وكما انتهك في السابق، إذ حرصت الحكومة الأميركية على عدم إخضاع جنودها إلى المحكمة الجنائية الدولية، فأعلنت في 4-5-2002 على لسان وزير خارجيتها كولن باول عزمها على عدم المصادقة على اتفاق إنشاء المحكمة الجنائية الدولية.
لماذا غابت حقوق الإنسان في حرب أميركا على صدام؟ وما الذي حصده العراق وشعبه من بشائر أميركا بالديموقراطية غير تدمير العراق وتبديد ثرواته وانتهاك أبسط الحقوق الإنسانية للشعب العراقي؟
واليوم، يلوح الرئيس أوباما بضرورة معالجة التحديات السياسية الداخلية، ولاسيما الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان. هذه الحقوق التي غيبتها أميركا في مفاوضاتها النووية مع إيران؛ لكي تستمر إيران في أعمالها التخريبية ضد جيرانها العرب والكرد والإقليم العربي الذي تحكمه إيران بالحديد والنار.
أمام هذا الصلف الأميركي الذي يريد أن يبيع السلاح إلى دول الخليج ليس فقط في مقابل الثمن النقدي لهذا السلاح، ولكن أيضاً في مقابل أن تسلم دول الخليج أمنها الداخلي إلى أميركا؛ لتلعب به لعبتها المفضلة «الفوضى الخلاقة»، لتدمر وتخرب وتقسم وتنتهك كل الحقوق الإنسانية.
والتجربة الديموقراطية الأميركية في العراق خير دليل، فأول عمل قام به بول بريمر في العراق هو حل الجيش العراقي؛ لتعيش العراق في فوضى ونهب وسرقة ودمار وتقسيم.
إن دول الخليج وعمقها العربي والإسلامي مطالبون برسم إستراتيجية وباعتماد سياسات مبادرة وفعالة، تعتمد على قدراتها الذاتية وتنويع مصادر تسلحها وهيكلة شراكاتها العالمية بالشكل الذي يجعل من أميركا تُراجع حساباتها، كما تجب المبادرة بالطرق الديبلوماسية وبواسطة الجامعة العربية بمساءلة أميركا بضرورة إصلاح الأضرار التي تسببت فيها بالعراق، وأن تطالب دول الخليج أميركا بإشراكها في المفاوضات الخاصة بالملف النووي؛ لإعادة الاستقرار والأمن في المنطقة وإلزام إيران بقواعد حسن الجوار.
لا يجب بأي حال من الأحوال السماح لأميركا استخدام بطاقة حقوق الإنسان لخلخلة الأمن والاستقرار، ولا يعني المطالبة بالحقوق العربية مناصبة العداء للولايات المتحدة، فالغرب وأميركا لا يحترمون من يفرط في حقوقه، وعلى دول الخليج العربي خاصة أن تطلب من أميركا الكف عن السياسات التي تخلخل الأمن والاستقرار في المنطقة، باستخدام غطاء حقوق الإنسان أو القضاء على الديكتاتورية؛ لأنه بالتجربة المشهودة كان ذلك على حقوق الإنسان وعلى التنمية والأمن والسلم الاجتماعي.

الحياة _ وطن اف ام

 

زر الذهاب إلى الأعلى