أطل مجددا حسن نصر الله زعيم ميليشيا تنظيم حزب الله الإرهابي، على أنصاره في خطاب طويل وممل آخر (ظهر حسن نصر الله على أنصاره خلال أزمتي اليمن وسوريا أكثر مما ظهر طوال معاركه ضد إسرائيل واستخدم لهجة أشد وأكثر عدائية بحق العرب)، وما هي إلا سويعات قليلة ويمنى تنظيم حزب الله الإرهابي بخسائر عظيمة في صفوف مقاتليه بمنطقة القلمون على الحدود السورية اللبنانية، فيفقد خمسة من قادته العسكريين، اثنان منهم من قادة الصف الأول هما قائد العمليات العسكرية ونائبه، إضافة إلى أربعة آخرين، مما جعلهم يتقهقرون من النقاط التي تمركزوا فيها أساسا.
كان ظهور حسن نصر الله في غاية الارتباك والخوف والقلق، وبدا ذلك بوضوح على حركات وجهه ولغة جسده؛ فجميعها كانت تؤشر بأن هناك حالة انهزامية قد أصابته ولم يعد قادرا على إيصال ما يقوله بثقة وقناعة، وما هي إلا ساعات أخرى قليلة وظهر بشار الأسد في أحد الأماكن العامة في العاصمة السورية دمشق أصفر الوجه مرتبكا خائفا قلقا يحاول طمأنة مؤيديه بكل ما أوتي من قوة ووسيلة، معترفا ومقرا بحصول هزائم وتراجعات في جيش النظام أمام الثوار في جبهات مختلفة.
القناعة في ازدياد هائل وعظيم بأن مرحلة نظام الأسد انتهت بشكل كامل. والآن، بات العالم يستعد للدخول في مرحلة ما بعد الأسد، الأمر الذي يفسر التوتر الهائل الحاصل في إعلام الأسد المؤيد وفي صفوف مسانديه.
الثوار يواصلون تحرير الأراضي والمدن بشكل متناسق ومدروس وبعيد عن العشوائية، وحزب الله يرتفع صوته بالوعيد والتهديد، والأسد يحاول زرع الطمأنينة والثقة بأي وسيلة ممكنة في نفوس أنصاره، ولكنها مهمة مستحيلة، خصوصا مع توالي الأخبار الغريبة عن الموت الغامض والغريب لعدد غير بسيط من رموز الدائرة الأمنية المحكمة والمقربة في نظامه، مما يوحي بأن هناك حالة متسارعة من تصفية النظام لرموزه مع إدراكه لاقتراب رحيله وسقوطه الحتمي والوشيك، وفي حالة أصابت من قبل كثيرا من الأنظمة الطاغية.
المعارضة السورية على الأرض اكتسبت قدرا مهما ولافتا وواضحا من الكفاءة والثقة بالنفس، انعكس على أدائها ونتائجها بشكل فعال، وأدى إلى انهيار كبير في نفسيات جنود الأسد. هناك خروج كبير ونزوح عظيم لعوائل مؤيدي الأسد باتجاه مدن الساحل، إضافة إلى أن طرح نقل كثير من مؤسسات الدولة بصورة «مؤقتة» إلى طرطوس، أصبح مستساغا في أوساط النظام، خصوصا بعد أن تم الإعلان عن إنشاء مطار في طرطوس ومضاعفة حجم وسعة الميناء فيها، بالإضافة إلى إنشاء جامعة جديدة.. كل هذه المؤشرات تؤكد أن النظام يسير للاحتفاظ بموضع قدم طائفي لنفسه في الكيان الذي دمره، فالكل في سوريا يعيش بشكل عملي وفعلي معنى مقولة «الأسد أو حرق البلد». إن الدمار الممنهج الذي حصل في دور الزور وإدلب وحلب وحمص وجسر الشغور، هو دمار المفارق والمغادر الذي لن يسمح لمن يأتي بعده أن يهنأ بها، وسيجعله يتكلف أموالا طائلة من الديون والأعباء لإعادة البناء، وهي مرحلة من المشهد العام يبدو أنها سوف تكون مكلفة وطويلة.
إيران أدركت بصورة أو بأخرى أن «ثمن» المحافظة على بشار الأسد باهظ، وهي تستعد للمرحلة القادمة، وهذا يفسر هجوم الإعلام المؤيد لبشار الأسد في لبنان على إيران والاستغراب من صمتها وعدم قيامها بإرسال العتاد والجند اللازم لمساندة النظام، وهو الأمر الذي انعكس بشكل فوري على فشل زيارة وزير الدفاع السوري إلى طهران وعودته من هناك بخفي حنين، ورأى العالم أثره في وجهي بشار الأسد وحسن نصر الله مؤخرا.
الشرق الأوسط _ وطن اف ام