إذا لم يتم اتخاذ إجراءات مناسبة من أجل المهاجرين السوريين الموجودين في بلادنا فمن المتوقع أن تظهر أمامنا مشكلة اجتماعية خطيرة ففي بلادنا الآن يعيش ما يقارب الثلاث مليون مهاجر سوري .
ومن الأكيد إيجاد حلول للمشاكل الصحية و الغذائية ومشاكل العمل والسكن بمدة قصيرة لهذا العدد الكبير من الناس ليس بالأمر السهل . ففي إسطنبول فقط يعيش ما يقارب 400 ألف مهاجر سوري عدا عن الأشخاص الغير المسجلين رسمياً مما يتوقع أن تصل أعدادهم مجتمعين إلى 500 ألف مهاجر سوري.
إن الحي الذي أسكنه الآن يستضيف مجموعة كبيرة من السوريين فإذا خرجت من المنزل أم لم أخرج فإني مضطر لأن اسمع اللغة العربية منهم تدخل إلى منزلي ولكن هذا الشيء لا يزعجني ، على العكس تماماً فإن استقبال هؤلاء الناس الذين اضطروا أن يبقوا بلا وطن بأذرع مفتوحة هو شعور جميل جداً، فإن الجيل الجديد لا يعرف إلا القليل من الشوق والحنين إلى الوطن من أجل ذلك علينا أن نسامحهم إذا كانت تصرفاتهم غير مناسبة لثقافتنا فإن من عاداتنا مساعدة المظلوم وإطعام الجائع وإكساء العاري وتلبية نداء المحتاج .
فيجب علينا بما في وسعنا أن نعمل على تسهيل الحياة للمهاجرين السوريين فإن السوريين الذين التجأوا إلى بلادنا منهم من هو غني ومنهم من هو فقير ومنهم من هو صاحب عمل ومنهم عاطلين عن عمل ومنهم آلاف الشباب الذين اضطروا لأن يتركوا دراستهم ، فنشاهد أن هناك من يعيش باتجاهين منهم ، ونلاحظ أنه شئنا أم أبينا سنشاهد الكثير من هؤلاء الشباب يملئون شوارعنا وحدائقنا مما يؤدي إلى حدوث بعض المشاكل الغير سارة .
وقبل يوم لو لم أكن شاهداً على شجار قام بين شاب سوري وشاب تركي في أحد الحدائق لم أكن لأفهم مدى جدية هذه المشاجرة فقد بدأت ببعض الجدال ثم تحولت إلى مشاجرة وبعدها شوهدت المقاعد تطير في الهواء وسحبت السكاكين ولم استطيع أن أعلم من كان منهم على صواب ومن كان على خطأ فكم كان حزينا تحول نقاش إلى مشاجرة بين اثنين ليس هنالك بينهم لغة واحدة ليتفاهمون بها !
ومن حسن الحظ لم يخرج من هذه المشاجرة أي خبر سيء ولكن الخبر الذي أخافني هو الذي أتى في اليوم التالي من مدينة قونية فقد تُوفي شخص سوري وآخر تركي إثر مشاجرة دارت بينهما ، كان الله في عون أهليهما ، وكلي أمل بأن لا تتكرر هكذا حادثة مرة أخرى.
أتوقع أنه علينا عندما نتحدث أن نصيغ كلامنا بشكلٍ جميل فحتى من أجل سبب بسيط جداً من الممكن أن يحدث شجار ، فنحن الآن في مدننا نعيش بمواجهة ثقافتين مختلفتين ، فمن المتوقع أن تكون الأمور التي تعني لنا الإساءة أن لا تكون مسيئة بالنسبة للسوريين والعكس صحيح ، فبشكل طبيعي وفي بلادنا إذا ذهبت من منطقة إلى منطقة أخرى في الأناضول ستواجه العديد من الثقافات المختلفة ، ومع الوقت تمكن الجميع من الاعتياد على العادات والثقافات المختلفة ، وصار الجميع متقبلاً للعيش مع بعضهم.
هناك الآلاف من الشباب الذين يعيشون في أحياء ذات ثقافة مختلفة فمن الطبيعي جداً أن تنشب بعض الخلافات ولكن أيضاً أن نقوم بتعليم السوريين على عادات وثقافة الأحياء التي يقطنونها هو شرط أساسي .
فيجب على مؤسسات الدولة والبلديات و منظمات المجتمع المدني المعنية بأمور السوريين أن تقوم بفتح دورات تعليمية للسوريين لدمجهم بالمجتمع فضلاً عن أن يكون المنهاج قد أعد باللغة العربية لسهولة الراحة العملية ، وأن يكون هناك ممثلين تشكلوا عن طريق المهاجرين السوريين ليقوموا بوظيفة الربط بينهم وبين مؤسسات الدولة المعنية بهم ، ومن الأكيد هنالك الكثير مما نستطيع قوله بخصوص هذا الموضوع لكن كل ما أردته التذكير ببعضه فقط .
المصدر : صحيفة يني شفق ؛ ترجمة وتحرير وطن اف ام