منذ أن بدأ عدوان التحالف الدولي على الشعب السوري في 14/ أيلول من هذا العام حذرنا منه ودعينا إلى تحالف آخر معاد له يجنب سورية القصف البربري الأمريكي على البنى التحتية السورية، وكذلك على ثروات سورية وكنوزها. ومن جملة ما أشرنا إليها قناعتنا بأن ما يسمى المجتمع الدولي لن يجني شيئاً من حربه على تنظيم الدولة، اللهم إلا أن يساهم في تقويته وزيادة التعاطف معه، وبالتالي زيادة عدد أفراده.
هذا بالضبط ما يحدث الآن، وها نحن نسأل سؤالنا باستخدام الفعل الماضي بدل استخدام زمن الاستقبال، إذ نقول اليوم ماذا جنى التحالف المشؤوم من حربه على تنظيم الدولة؟ بعد أنا كنا نسأل ماذا يجني!
يبدو أكثر وضوحاً أن التحالف العدواني على الشعب السوري لم يحقق مما ادعاه إلا خيبة الأمل، خاصة بعد أن تمكن تنظيم الدولة من إسقاط طائرة أردنية في الأيام الماضية وأسر قائدها الذي جاء من الأردن الشقيق ليساهم مع التحالف العدواني بقصف الأطفال والأبرياء في الشمال السوري.
أستطيع هنا أن أشير سريعاً إلى بعض ما حصده التحالف الدولي حقيقة لا ادعاءً من هذا العدوان:
رفع كفاءة تنظيم الدولة في تغيير خططه العسكرية وإتقانه فن الاختفاء والظهور بمهارة عالية، تجعل له سيطرة شبه كاملة في المناطق التي يتواجد فيها.
انضمام العشرات إلى التنظيم من داخل سورية وخارجها، سيما أن الولايات المتحدة أمعنت بوقاحتها السياسية من خلال توجيه آلتها العسكرية لقصف الرقة، وترْك بشار الأسد يعيث فساداً في سورية بحرية كاملة، بعد صمتها مسبقاً عن تنصيبه رئيساً لشعب يرفضه.
السماح لبشار الأسد باستخدام الأسلحة الكيماوية كيفما شاء بحكم أن جماعة التحالف الدولي والمجتمع الدولي والأمم المتحدة مشغولون بمحاربة تنظيم الدولة الذي لن يُقضى عليه ألبتة.
ادعت الولايات المتحدة وذيولها في المنطقة أن الهدف من محاربة التنظيم هو تحقيق الأمن الإقليمي والدولي، ومع بلاهة هذا التصور فإن العكس تماماً هو الذي سيحدث ولعله بدأ. فقد أصبحت كل الدول المشاركة في التحالف هدفاً لانتقام التنظيم، فلا يعقل أن يتسامح التنظيم مع الحكومة الأردنية التي أرسلت طياريها لمقاتلة الآمنين في الرقة بدل مقاتلة الصهاينة وبشار الأسد. ولا شك أن تنظيم الدولة يخطط فعلياً للضرب في كل مكان يستطيع الوصول إليه الآن أو مستقبلاً، ولعل عمان لم تنس بعد ما فعل أبو مصعب الزرقاوي فيها.
الأمر ذاته ينطبق على ما يسمى الأمن العالمي، فلم يعرف عن التنظيم أنه هاجم أراضي الولايات المتحدة وأوروبا، بل كان يقاتل في شمال سورية فحسب، وما فعله في العراق بالقوات الأمريكية لا يتعدى دفاع فئة من أهل العراق عن بلادها. مع كل ذلك قامت واشنطن بالهجوم على التنظيم في الأراضي السورية، ونعلم أن كثيراً من أفراد التنظيم قد التحقوا به من أوروبا وغيرها والخوف من أنهم رأوا الطائرات المهاجمة ولن ينسوا جنسيتها.
باختصار أصبح الأمن الدولي والإقليمي في خطر حقيقي بعد أن كان مجرد دعاية سياسية لترويج الاعتداء على الشعب السوري، وقويت شوكة بشار الأسد، وأعاد سيطرته على مناطق جديدة ما كان له أن يسيطر عليها لولا تحالف المجتمع الدولي معه بالطبع وضد أعدائه.
إذاً ما وراء ذلك التحالف، وماذا يريد؟ ومن يدعم بالضبط؟
زمان الوصل _ وطن اف ام