مقالات

ماجد كيالي : حزب الله ذراع إيرانية في المنطقة

يبدو أن حزب الله يسير بخطى حثيثة نحو الانتحار المادي، بعد الانتحار المعنوي، الذي تمثل بانكشاف كونه مجرد ذراع إقليمية لإيران في المنطقة، بعد تحوله لتوظيف المقاومة في المعادلات السياسية والطائفية في لبنان، منذ عام 2000، خاصة منذ قتاله السوريين دفاعا عن نظام الأسد.

هذا ما يمكن استنتاجه من الكلمة التي ألقاها حسن نصرالله الأمين العام لهذا الحزب بمناسبة يوم الجريح، والتي تحدث فيها عن خطر وجودي “يتهددنا”، ولوّح فيها بإمكان الدعوة إلى “التعبئة العامة”، طبعا في الطائفة التي يهيمن عليها بالقوة، وبوسائل الترغيب والترهيب.

وفي خطابه قال نصرالله “سنقاتل في كل مكان، بلا وجل ولا نستحي من أحد، سنقاتل بعيون مفتوحة، ومن لا يعجبه خيارنا فليفعل ما يراه مناسبا له”، أي أنه سيأخذ الطائفة التي يسيطر عليها ومعها لبنان إلى الخيارات التي يريد، والتي تخدم السياسات الإقليمية لإيران.

بيد أن نصرالله بدا في هذا الخطاب أكثر إدراكا للدرك الذي وصل إليه، وللخسائر التي تكبدها حزبه، وإن عبّر عن ذلك بعبارات تشي بالانفصام عن الواقع، بقوله “لا نهتم لتوهين الإنجازات التي تحققها معاركنا ويقوم البعض بإنكارها. ولو سقطت كل المدن، فلن يحبط هذا الأمر عزيمتنا، ويجب أن تكون معنوياتنا مرتفعة وحالتنا النفسية قوية”. لم ينس نصرالله أن يستعير الخطاب الديني، وأن يشبّه معاركه في سوريا بمعارك الرسول واعتبار أن “الله كتب علينا كما كتب على الذين من قبلنا في بدر مع الرسول وكل المعارك..”، وعلى أساس أنه “لو لم نقاتل في حلب وحمص ودمشق، كنا سنقاتل في بعلبك والهرمل والغازية وغيرها”.

وصل نصرالله في أضاليله وتنكّره إلى الهاوية التي أخذ حزبه إليها، بوضع “الشيعة” في لبنان أمام ثلاثة خيارات: الأول أن نقاتل أكثر من السنوات الأربع الماضية. الثاني أن نستسلم للذبح والنساء والبنات للسبي. الثالث أن نهيم على وجوهنا في بلدان العالم ذليلين من نكبة إلى نكبة. متابعا “هذه الحرب لو استشهد فيها نصفنا وبقي النصف الآخر ليعيش بكرامة وعزة وشرف، سيكون هذا الخيار الأفضل. بل في هذه المعركة، لو استشهد ثلاثة أرباعنا وبقي ربع بشرف وكرامة، سيكون هذا أفضل”. وطبعا لم ينس نصرالله أن يخوّن معارضي سياساته باعتبار أن المعركة عنده “معركة عرض ومعركة دين”.

ليست هذه المرة الأولى التي يفصح فيها نصرالله عن طبيعة السياسات والارتهانات التي يأخذ حزبه “شيعة” لبنان إليها، كرمي لسياسات الدولة المنشئة والراعية له، لكنها المرة الأولى التي يبدو فيها على هذه الدرجة من الوضوح والتوتر والقلق والتهور.

القصد أن هذه هي طبيعة حزب الله الذي اشتغل على احتكار المقاومة في لبنان، بإزاحة القوى الأخرى بواسطة القوة، وبمساعدة النظام السوري، وهذا ما يفسر حفاظ الحزب على كونه مجرد حزب طائفي مذهبي، لا يقبل أي شخص من مذهب أو طائفة أخرى، مهما كان موقفه داعما أو مؤيدا للمقاومة.

ما نقصده أيضا، أن انتهاء وظيفة المقاومة لحزب الله، لا سيما منذ حرب 2006، والتي كانت لحظة عابرة، بعد توقفها عمليا منذ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان (2000)، وانشغاله في الداخل اللبناني، ثم غرقه في المستنقع السوري، هو الذي كشف هذا الحزب على حقيقته، دون أن ننسى أن هذا الحزب كان قد سكت عن مقاومة الاحتلال الأميركي للعراق، وأنه كان حليفا للقوى الطائفية التي جاءت على ظهر دبابة أميركية للحكم فيه، وأنه ساند سياسات نوري المالكي الطائفية القائمة على الفساد والتسلط، والتي أوصلت العراق إلى ما وصل إليه.

المشكلة مع حزب الله، لا تكمن في طابعه الديني، فهذا شأنه، ولا في خياراته السياسية، وإنما تكمن في أربعة مجالات؛ أولها ادعاءه أنه حزب الله وهذا افتراء على الذات الإلهية ومحاولة احتكار له دونا عن كل الخلق، وهو ما يتبدى في استدعائه للخطاب الديني في معاركه وخياراته السياسية، على نحو ما نلاحظ في خطابات زعيمه.

وثانيها، أنه حزب لجماعة دينية محددة ترتكز على إعلاء شأن العصبية الطائفية في خطاباته وبنيته الداخلية، وهذا ما ينزع عنه صفة الحزب الوطني اللبناني، لا سيما مع تبعيته لمرجعية “الولي الفقيه”، أي للمرشد الأعلى في إيران.

وثالثها أن له بنية ميليشياوية وطائفية وأنه يستخدم السلاح لفرض سياساته على اللبنانيين وغيرهم، ناهيك عن قتاله السوريين، الذين يتوقون للحرية والكرامة بالتخلص من نظام الاستبداد والفساد الذي حكمهم أكثر من أربعة عقود.

ورابعها أنه بمثابة ذراع لإيران وأنه يشتغل في خدمة سياساتها الإقليمية، وهذا بالتأكيد ضد مصلحة “شيعة” لبنان، ومصلحة كل اللبنانيين.

العرب اللندنية _ وطن اف ام

زر الذهاب إلى الأعلى