يحل عيد الفطر على السوريين وسط أزمة إنسانية اقتصادية اجتماعية غير مسبوقة، وإن ظهرت مظاهر الفرح في بعض المناطق التي لا تشهد حروباً وصراعات، الأمر الذي على مايبدو أنه انعكس أيضاً على الهيئات الشرعية والقضائية التي انقسمت على مايقول كثير من السوريين كلّ بحسب توجهه السياسي، فاليوم الثلاثاء 4 حزيران هو أول أيام عيد الفطر في منطقة ريف حلب الشمالي وإدلب التي نستطيع القول أنها تشهد نوعاً من التبعية لتركيا،كما اعلنت ، فيما أعلن القاضي الشرعي الأول بدمشق أن الثلاثاء هو المتمم لشهر رمضان أي أن غداً الأربعاء 5 حزيران هو أول أيام عيد الفطر، وهو الأمر كذلك بالنسبة لمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شمال شرقي سوريا.
ويقول مراسلو وطن اف ام في شمال شرق وشمال غرب سوريا أن بعض الأهالي لم يلتزموا بما أعلنته الهيئات الشرعية المحلية فترى في الحي الواحد بعض الناس صيام والاخر يعيشون طقوس أول أيام عيد الفطر.
مناطق المعارضة السورية
تقسم مناطق المعارضة السورية إلى قسمين:
• إدلب وريفها وريف حماة الشمالي والغربي وريف حلب الغربي وريف اللاذقية الشمالي:
العيد في تلك المناطق هو الأسوأ على الإطلاق خاصة مع الحملة العسكرية المستمرة لقوات الأسد وروسيا في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، والتي خلفت مئات الشهداء وآلاف الجرحى ومئات آلاف النازحين، ودماراً كبيراً في الممتلكات والأسواق، فقوات الأسد وروسيا تعمدت قصف التجمعات السكانية، الأمر الذي أثّر بشكل سلبي على مظاهر فرح بالعيد، وحتى القصف لم يستثن المناطق البعيدة عن خط الاشتباك، مثل أريحا التي شهدت سقوط العديد من الشهداء والجرحى، وكلما ابتعدنا عن جنوبي إدلب وشمالي حماة كان حجم الكارثة يقل، لكن مشهد النازحين يغطي المكان ويزيد من قساوة المشهد وصعوبة تقبل فكرة قدوم العيد وفرحته كما كانت العادة لدى السوريين في وقت سابق.
• مناطق درع الفرات وغصن الزيتون:
في تلك المنطقتين تبدو مظاهر العيد ظاهرة أكثر، فالأسواق ممتلئة والشوارع مُنارة، لكن ما يعكر صفو العيد هو التفجيرات المتلاحقة التي هزت العديد من المناطق في “درع الفرات وغصن الزيتون” ، كان آخرها في مدينة اعزاز شمالي حلب، حيث سقط نحو 20 شهيداً بتفجير سيارة مفخخة وسط السوق الشعبي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية، وقد انتشرت صورة لجدٍ هزت السوريين، وهو يحضن طفله الذي قضى أثناء شرائه حاجيات العيد، وهذا ما يجعل فرحة السوريين هناك ممزوجة بالحذر والخوف من حدوث تفجير جديد مع عدم قدرة الفصائل المسيطرة على ضبط الوضع الأمني ووضع حد لتلك التفجيرات، ويضاف إلى الجانب الآخر لغياب مظاهر العيد العجز المادي لدى الكثير من الأسر السورية عن شراء مستلزمات العيد للأطفال.
• مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية:
يختلف الوضع في شمال شرقي سوريا عن الشمال الغربي من حيث عدم القصف والحد النسبي من التفجيرات والتي لم تغب عن وسط مدينة الرقة، لكن ما يعكر صفو العيد هناك هو الدمار الكبير الذي لحق بعشرات القرى والبلدات خلال فترة الحرب ضد تنظيم الدولة، ما يعني أن مئات آلاف السكان سيقضون العيد إما في المخيمات التي تفتقر لأبسط قومات الحياة سواء من الناحية الخدمية والصحية و… ، أو سيعيّدون في منازل مستأجرة، وهذا ما ينعكس سلباً على أطفالهم، فالكثيرون ليس باستطاعتهم العودة إلى مظاهر الفرح القديمة كما كانت في وقت سابق مع العجز المادي الظاهر بشكل ملحوظ.
• مناطق سيطرة نظام الأسد:
في تلك المناطق، وإن غابت مشاهد القصف فإن مشاهد البؤس والحرمان لا يمكن إخفاؤها عن شريحة كبيرة من السوريين من دمشق إلى حلب إلى حمص إلى حماة إلى مناطق أخرى، فالكثير من السوريين وحتى من موظفي الدوائر الحكومية هم من محدودي الدخل وبالكاد يستطيعون سد احتياجاتهم اليومية، والبعض منهم يعتمد على المساعدة من الخارج لأحد أبنائه أو أقاربه، ومما يزيد من صعوبة الحياة هناك الغلاء الكبير في الأسعار، فالحاجيات الجديدة ليست منال الجميع، فهي فقط للأغنياء، والطبقة الأخرى المقربة من نظام الأسد، والتي لا تبالي أيّاً كان وضع السوريين، وقد انتشرت الكثير من الأخبار والمشاهد المصورة تظهر كثرة التسول والسرقات وجرائم الخطف والابتزاز، وهذا ما يعكر صفوة العيد ويجعل السوريين هناك يتخوفون من إرسال أبنائهم كما كان الوقت في الأعياد السابقة.
• مناطق المصالحات:
في تلك المناطق غابت مظاهر العيد بشكل كامل، فحتى إن لم تكن تشهد قصفاً او نزوحاً إلا أنها تشهد انتهاكات تعسفية من قوات الأسد والمليشيات المساندة لها في العديد من القرى والمدن، بالتزامن مع تهميش نظام الأسد للخدمات التي تشهد انحداراً غير مسبوق مثل الأفران والمدارس والحدائق والمشافي، حتى أصبحت أشبه بالسجن الكبير يمارس فيه النظام الانتهاكات متى شاء.
في المجمل فإن مظاهر العيد الحقيقية غابت عن جميع المناطق السورية مع تفاوت الحال في السوء من منطقة إلى أخرى، ومن طبيعة السوريين التأقلم مع أصعب الظروف في أحلك الأوقات وأشدها مرارة، إذ إنه وبالرغم من ذلك الوضع القاتم، فإن “الابتسامة المزيفة” ستعلو في الغد وجه أم شهيد أرادت أن تقبله في هذا اليوم، لكنها أخفت حزنها كي لا تزيد من حزن من حولها… فالله دركن أيتها الأمهات السوريات!