أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن عمليات القتل الجماعي التي استهدفت أفراداً من الطائفة العلوية في الأيام الماضية تهدد جهود المصالحة الوطنية، متعهداً بمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم “مهما كانت هويتهم”.
وفي مقابلة مع وكالة “رويترز”، قال الشرع: “سوريا هي دولة قانون، ولن نسمح بأن تسفك قطرة دم واحدة دون حساب، سواء كان الجاني قريباً أو بعيداً. ما حدث في الساحل السوري كان عملاً إجرامياً، ولن يُترك دون تحقيق ومساءلة”.
تحقيق مستقل ومصالحة وطنية
أعلن الشرع تشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة، تضم ممثلين عن الطائفة العلوية، للتحقيق في الانتهاكات التي وقعت خلال الاشتباكات الأخيرة، على أن تقدم تقريرها خلال 30 يوماً. كما تم تشكيل لجنة ثانية معنية بالحفاظ على السلم الأهلي والمصالحة، لمنع تفاقم النزاع.
وقال الشرع: “نريد أن نوقف دوامة الدم، فالعنف لا يولد إلا مزيداً من العنف. ما حدث في الساحل لن يكون بداية لحلقة جديدة من الصراع الطائفي، بل فرصة لتثبيت المصالحة الوطنية”.
إشعال الفتنة وتحركات خارجية
وحمّل الرئيس السوري فلول النظام السابق ومجموعات خارجية مسؤولية تأجيج الصراع في الساحل السوري، موضحاً أن “أفراداً من الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد، وقوة أجنبية متحالفة، سعوا لإثارة الفوضى وخلق فتنة طائفية لضرب الاستقرار في سوريا”.
ورغم رفضه تسمية الدولة المتورطة، أشار الشرع إلى أن الأطراف التي خسرت نفوذها في سوريا هي التي تحاول اليوم زعزعة استقرارها، في إشارة غير مباشرة إلى إيران، التي لا تزال سفارتها مغلقة ولم تعترف بالحكومة الجديدة.
المصالحة مع الأكراد وعلاقة متوترة مع الغرب
وفي حديثه عن السياسة الخارجية، أكد الشرع استعداده للحوار مع قوات سوريا الديمقراطية لحل الخلافات العالقة، مشيراً إلى أن اجتماعات قد تُعقد قريباً مع قائد “قسد” بوساطة أطراف إقليمية.
كما كشف أنه لم تجرِ أي اتصالات رسمية بين حكومته وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكنه أعاد المطالبة برفع العقوبات الأميركية عن سوريا، مشدداً على أن الأمن والاستقرار الاقتصادي مرتبطان بشكل مباشر بإلغاء هذه العقوبات.
موسكو ودمشق.. مراجعة للعلاقات
وفيما يخص العلاقة مع روسيا، أكد الشرع أن هناك اتفاقاً على مراجعة جميع الاتفاقيات السابقة الموقعة خلال فترة حكم الأسد، لكنه أوضح أن الوقت لم يسمح حتى الآن بالخوض في التفاصيل.
وقال: “لا نريد قطيعة مع موسكو، لكن لا نريد أن يكون وجودها في سوريا سبباً لتهديد أي دولة أخرى. نعمل على بناء علاقة استراتيجية متوازنة”.
تحديات سياسية وأمنية
مع تزايد الضغوط الدولية وانتقادات إسرائيل للتطورات في جنوب سوريا، أكد الشرع أن بلاده لن تقبل الاحتلال الإسرائيلي لأراضيها، وستعمل على حل الخلافات مع جميع الأطراف عبر القنوات الدبلوماسية.
وفي ختام حديثه، قال الشرع من القصر الرئاسي في دمشق: “بصراحة، يضيق صدري وأنا أجلس هنا وأفكر كيف خرج كل هذا الشر من هذا المكان. لكننا اليوم في سوريا جديدة، نعمل من أجل جميع السوريين، ولن نسمح بتكرار الماضي المظلم”.