لعلك تستغرب أني ناديتك بفخامة الرئيس فالمقامات عندنا محفوظة، أتفه واحد عندنا يقال له يا باشا. فما بالك برئيس أقوى دولة في العالم رغم أن الكونجرس يريده بطة عرجاء. وعلى ذكر البطة، لعلك يا سيدي تذكر ما قاله السناتور الأمريكي جون مكين عمّا حدث في بلادي يوم ٣ يوليو ٢٠١٣. دعني أذكرك “إذا كانت تمشي كالبطة وتوحوح كالبطة فإنها بطة”.
أنا يا سيدي من بلاد البطة، لكنها بطة سوداء تماما كإخوانك الذين قتلوا بدم بارد بينما يصلون في كنيسة للسود بمدينة تشارلستون في ولاية ساوث كارولينا. المسيح الذي يظهر مصلوباً في كنيستهم بشرته سمراء كبشرتك وبشرتي. ينتمي هو الآخر لفصيلة البط الأسود. لكن قاتلهم من فصيلة البط الأبيض الموسكوفي المدلل في كل بلاد الدنيا.
أنا يا سيدي شاب مسلم سني تماما كأبيك السيد الدكتور المرحوم حسين أوباما. كنت يا سيدي قد أعطيتني أملاً في عام ٢٠١١ بأنَّ ثورتي ملهمة للعالم، وأن من حقنا كبط أسود أن نعيش بكرامة وحرية في بلادنا كما يعيش جيراننا الإسرائيليون وكما يعيش الناس، أو قل أكثر الناس في بلادك.
لقد كانت الدموع تتلألأ في عيني وأنا أتابع خطابك في كبرى منظمات الحريات المدنية في أمريكا، حين ذكرت هذا الحادث الأليم الذي لم يطلق على مرتكبه وصف الإرهابي حتى الآن. وأعجبني ردّك على من رفعوا علم الكونفيدرالية في وجهك بأن أعلنت عن حزمة تشريعية لإنصاف الملونين في بلادك الذين يشكلون غالبية المساجين، حتى أن تُسع الأطفال السود في أمريكا يقبع آباؤهم في السجون.
ولم يعجبني أن الصحافة الأمريكية علقت بعد الخطاب بالقول “ها قد جاءكم الرئيس الأسود الذي كُنتُم تخشون”. لكني مندهش يا سيدي أني لم أر دموعك ودموع إدارتك عندما فاخرت الشرطة في بلادي بأنها نجحت في تصفية تسعة من الإخوان المسلمين المسالمين غير المسلحين في شقة بمدينة السادس من أكتوبر بالقاهرة.
كما لم أر هذه الدموع في سوريا والنظام، الذي قال قادتك العسكريون أنهم ينسّقون معه، ما زال يقصف المدنيين بالبراميل المتفجرة فقتل أكثر من مئتي ألف وشرد الملايين في أكثر تقديرات الأمم المتحدة تواضعاً. مندهش حقا من قرار إدارتك دعم من يقتلنا بالطائرات وبالمعونات.
ومندهش أكثر من الاتفاق الذي أبرمته مؤخرا مع نظام إيران الذي يعتبر بلادكم الشيطان الأكبر.
ويبدو لي أن إدارتك لا تعتبرني فقط ابن البطة السوداء فكلنا في الشرق بط أسود. لكن متعجب من تخفيض درجتي الى بط أسود سني؛ فإيران الشيعية لم تعد عدواً، بينما مصر السنية كادت تكون عدواً في عهد أول رئيس مدني منتخب، حين قلت في عام ٢٠١٢ إن مصر ليست حليفاً وليست عدواً، ثم عدلت إدارتك من موقفها بعد إنهاء الديموقراطية في مصر واعتبرتها من جديد حليفاً استراتيجياً. أنا يا سيدي كشاب مسلم سني عربي في حيرة من أمري.
فَلَو جلست على مقهى مع أصدقائي نتبادل أطراف الحديث تقبض علينا الشرطة بتهمة الإلحاد، وتطلق على المقهى اسم مقهى الملحدين، وإن ذهبنا لنستحم في حمام شعبي نعتقل بتهمة المثلية الجنسية ويغلق الحمام. حتى أصدقائي المسيحيون اعتقلوا بتهمة التبشير لأنهم وزعوا تمراً على المسلمين الصائمين في رمضان مع آيات من الإنجيل، تدعو للمحبة والتسامح.
فخامة الرئيس أوباما
هل تريدني حقاً أن أؤمن بالديموقراطية وأناضل من أجلها سلمياً، فأقتل أو أسجن وأعذب كبلدياتك وأحد شباب حملتك الانتخابية محمد سلطان؟ أم أتجرع القهر والجوع والفقر في صمت. وإذا كنت لا تريد قتلي فلم تدعم من يقتلني بالمال والسلاح؟! مع العلم أني أعزب وعاطل وكل إخوتي وأصدقائي كذلك.
هل سمعت بأن داعش وخليفتها البغدادي يعدانني بالحور العين إن أنا مت، أو الجواري الحسان الشقراوات القادمات من بلادكم إن أنا استبسلت في القتال معهم وانتصرت. فماذا تريدني ان افعل؟
مع فائق الاحترام والتقدير
رسالة متخيلة بعد غوص في عقل شاب عربي يريد أن يعيش حراً.
المصدر : هافينتغون بوست عربي