مقالات

محمد بارلاس – إما أن نختار “نظام الدولة” أو نختار الفوضوية

يوجد أمام الشعب التركي خياران أساسيان لا مناص من الاختيار بينهما… إما أن نغض الطرف عن نظام الدولة، حقوقها وقوانينها، وأن نحكم على سياستها المشروعة بالعدم. أن لا تعطى الأهمية لأمن المجتمع وممتلكاته العامة، وأن يتم قبول أو تقبّل العنف والكراهية كعناصر طبيعية للسياسة…والذين يقومون بالاعتداء على القوات المسلحة وقوى الشرطة مثلهم مثل الذين يشتكون من الشرطة سيجدون –دون شك- من يحميهم بل ويدافع عنهم من السياسيين ومن بعض وسائل الإعلام.

و تلخيص ذلك كلّه هو أن نختار عيش حياة “فوضوية”.

جمهورية تركية
وأما الخيار الثاني فهو أن نذكّر العالم أجمع بأحلام الذين يؤمنون بالجمهورية التركية كدولة قوية. وأن يقبل الجميع أنه لا حق لأحد في استخدام السلاح على هذه الأراضي إلا القوى الأمنية التي لها الحق في استخدامه في إطار القانون. أن لا يقود الدولة ولا يديرها سوى من تم انتخابهم من قِبَل الشعب، وأن يتذكّر الجميع أن الديموقراطية والسياسة لا تعني تسجيل الأهداف في مرمى الخصم متى سنحت الفرصة لذلك، بل هي تنافس شريف في تقديم الخدمات لهذا الشعب…

الترجيحان
على حزب العدالة والتنمية الذي سيدخل الانتخابات القادمة متسلّحا بمؤتمره الأخير وعلى الحزبين “المشروعين” الآخرين أن يشرحا هذين الخيارين لقواعدهم الشعبية بشكل مبسّط يمكّنهم من الاختيار من بينهم. إما أن يختاروا “الفوضوية” ،أو أن يختاروا نظام دولة يكون الأمر فيه للحقوق، وتطبّق فيه القوانين على الجميع، يعم فيه الأمن على الناس وممتلكاتهم.

البلديات ونقابات المحامين
أفترض أنكم متفقون معي تمام الاتفاق في أن المستغرَب في هذه الأيام هو تصرّف البلديات التابعة لحزب الشعوب الديموقراطي كأنها بلديات تابعة لحزب العمال الكردستاني. أليس من الغريب أيضا أن يتقدم مكتب نقابة المحامين إلى القضاء لوقف العمليات وإرغام القوات المسلحة على التراجع؟ وقد رأينا نتائج هذا النوع من التضارب ووضع القوى الأمنية على طرفي نقيض جليّا بعد الانقلاب العسكري في السابع والعشرين من مارس 1960 وشهدنا وضع الشرطة على الجبهة الأخرى للصراع وإبعادها خلف هتاف “الجيش و الشباب يد واحدة”. والجميع يعرف أن الفوضى التي أعقبت ذلك الانقلاب استمرّت حتى أطلّت على الوسط الفوضوي في السبعينات.

مسؤولية الدولة
لكن لنعرف جميعا أن المسؤولية في هذه الدولة لا تقع فقط على الشرطة وليست حكرا على العسكر. وما دمنا نعيش في دولة ديموقراطية، فالمسؤولية تتقاسمها جميع منظمات المجتمع المدني كنقابة المحامين ووسائل الإعلام..

والنتيجة أو خلاصة الأمر، أنه في الصين توجد سوق حرة وهناك استقرار اقتصادي. وفي المملكة العربية السعودية يوجد واحد من أكثر الأسواق حرية في العالم… لكن تركيا مصرّة على البقاء داخل معايير كوبنهاكن، والقوات المسلحة شأنها شأن الشرطة في طاعة الدولة، ذات التعددية ديموقراطية.

ويبقى القول أنه هناك محاولة لدفع وخلط الأمور بين مؤسسات الدولة وهو ما سيُخرِج اللعبة عن مسارها إذا نجحت.

المصدر : صحيفة صباح ، ترجمة تركيا بوست 

زر الذهاب إلى الأعلى