عقب تنحي مبارك وفرحة المصريين الغامرة بسقوط الطاغية جلس هؤلاء الشباب في مكتب أحدهم بمنطقة المهندسين بالقاهرة يحتفلون بنجاح ثورة يناير التى كانوا في طليعة صفوفها، بدت على وجوههم الفرحة والمرح والسعادة بالانتصار الشعبي على نظام الاستبداد…
وقام صديقهم الذي استضافهم في مكتبه بدعوتهم على ساندوتشات شاورما من المحل السوري الشهير بمنطقة المهندسين والمعروف عنه طيب طعامه وروعة نكهاته الشامية، وبينما كانوا يتناولون طعامهم ويمرحون قام أحدهم بتوثيق اللحظة بكاميرا الموبايل وبينما هم يسخرون من الاتهامات الهزلية للثوار المعتصمين بتلقي وجبة كنتاكي الشهيرة، قال أحدهم ضاحكا وهم يأكلون ساندوتشات الشاورما السورية: كدا هيقولوا دا تمويل سوري، فضحك زميله وقال بتفاؤل: عشان الثورة الجاية في سوريا، وكانت خلال هذه الأيام قد بدأت الاحتجاجات في سوريا عبر التظاهرات الشعبية التي اشتعلت في شهر شباط/ فبراير 2011 ومعروف بالطبع أن النظام السوري هو أحد أعتى الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي.
عقب هذه الجلسة بعدة أيام قام صديقهم الذي قام بتصوير جلستهم الفكاهية بالموبايل برفع الفيديو على الإنترنت من باب توثيق ذكريات مرحة مع أصدقائه، ولكن لم يدر بباله للحظة أن هذا الفيديو سيصبح دليل المؤامرة الكبرى لتدمير سوريا وتشريد أهلها!، هذا الفيديو الفكاهي لهؤلاء الشباب أصبح الآن دليل إدانة يتم عرضه على الشعب ليلا ونهارا بكل القنوات الفضائية المصرية بعنوان (حتى لا ننسى – جرائم الإخوان في مصر وسوريا).
رابط للفيديو الذي يذاع حاليا بالقنوات المصرية كبرومو إعلاني حول المؤامرة على سوريا!
من هنا
وهذا رابط للفيديو الأصلي الذي تم اجتزاؤه
من هنا
بالتحري عن هذا الفيديو ومنشئه تناثرت معلومات أن هناك جهة ما قامت بإنتاجه مع عدد من الفيديوهات الأخرى التي تتحدث عن المؤامرة وتخلط الأمور معتمدة على حالة التشويش التي أصابت المواطن بسبب الشحن الإعلامي المستمر وبحيرة الأكاذيب وتزييف الحقائق التي تغمرنا أمواجها الآن.
الجدير بالذكر أن عرض هذا الإعلان الخاص بسوريا جاء عقب الحلقة الشهيرة للمذيعة إياها التي ذهبت للاجئين السوريين في لبنان لتمارس المن والأذى وتطبل للسلطة وتشتم في ثورات الربيع العربي وترسخ رسالة واحدة منحطة واحدة مفادها: أن الثورات طريق الخراب بينما الرضا بالاستبداد هو سبيل النجاة!
تخيل أن التفاهة واللوثة العقلية وصلت بهؤلاء لاعتبار أن تناول ساندوتشات شاورما سورية هو مفتاح الخراب الذى حدث فى سوريا وأن هؤلاء الشباب كانوا وراء كل ماحدث، هل تتخيل مدى الاستخفاف بالعقول؟ هل تتخيل كم يحتقرون المصريين وهم يحاولون زرع هذا الغثاء في عقولهم؟ إن المأساة الكبرى أن من يحملون هذا الخراء الفكرى والخواء النفسي هم الذين يتحكمون الآن في ما يصل للناس وهم الذين يخططون للمستقبل ويقودوننا إليه! أي مستقبل بائس هذا؟
الأفكار العُكاشية (نسبة إلى ملهم المؤامرات ومروجها الأول) صارت منهجا يتبناه هؤلاء ويرعونه وينفقون عليه لدعمه وإقناع الناس به، نحن في انحدار غير مسبوق، إذاعة هذا الإعلان وفرضه على كل الفضائيات فضيحة لهذه المنظومة التي تعتقد أنها أذكى من الجميع بينما هي مثيرة للشفقة والسخرية من فرط تفاهتها وسطحيتها، يحسب هؤلاء أن هذا العبث الذين يروجون له هو خدمة للوطن وحماية له بينما الحقيقة أنهم لا يفضحون مؤامرات وهمية بل يصنعون فضيحة لأنفسهم ستذكرها الأجيال بعد ذلك وتضحك بملء فيها.
لم تسقط سوريا سوى باستبداد حكامها واستباحتهم لدماء شعبها، لا توجد ثورة مزقت وطنا وإنما يمزق الاستبداد كل الأوطان التى تسقط فريسة له، يحسب هؤلاء أن المشهد قد استقر عند روايتهم المزيفة للأحداث وعند قراءتهم المبتورة للتاريخ لكن يقيننا أننا يوما سنمسح ما يكتبون وسنمحو ما يحفرون وسنصحح ما يحرفون، ستدور الأيام ويعتدل الميزان ويدفع كل من جنى ثمن جنايته، وإنا لمنتظرون..
المصدر : عربي 21