مقالات

علي حمادة – الأتراك صوّتوا ضد بوتين أيضا؟

باستعادة حزب التنمية والعدالة التركي بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان الغالبية المطلقة في البرلمان، أسدل الستار أخيرا على الارتباك التي أصاب مؤسسة الدولة في تركيا منذ انتخابات حزيران الماضي التي خسر فيها تلك الغالبية الثمينة.

أسدل الستار على حال الارتباك في مؤسسات القرار العليا في البلاد، ولا سيما فيما يتعلق بالأزمة السورية وسياسة تركيا حيالها، وبناء عليه يمكن أردوغان أن يعود إلى اتخاذ قرارات مستندا إلى نتائج الانتخابات التي أظهرت أمرين مهمين فيما يتعلق بالسياسة الخارجية:

الأول أن معظم تركيا تقف خلف حكم قوي في التعامل مع إشكالية العلاقة المأزومة مع الأكراد وبالتحديد المنظمات العسكرية، وفي مقدمها “حزب العمال الكردي”، فضلا عن الإشكالية الأخرى المتعلقة ببروز ملامح “دويلة” كردية في الشمال السوري على الحدود المشتركة مع تركيا.

وهذه قضية تتعلق بالكرامة الوطنية التركية، وبالأمن القومي الذي تمكن أردوغان من استقطاب نصف الناخبين الأتراك حوله.

أما الأمر الثاني، فيتعلق بمكانة تركيا في المنطقة، بدءا من الأزمة السورية. وثمة من قال من المراقبين إن التركي صوّت إلى جانب الاستقرار، وفي الوقت عينه صوّت في مكان ما مع “السلطان” رجب طيب أردوغان ضد “القيصر” فلاديمير بوتين، الذي بسياسته الخارجية المتوترة مع محيطه، أيقظ شعورا “عثمانيا” قديما يستمد جذوره عميقا من الصراع على مدى قرون طويلة مضت بين السلطنة العثمانية وروسيا القيصرية.

من هنا فقد يكون الناخب الذي أعطى صوته لأردوغان إنما صوّت ضد الإرهاب الذي يدقّ أبواب تركيا، وضد التوسعية الروسية المسلحة التي تحوم حول حدود تركيا.

بالطبع لا يمكن التعويل على انتصار أردوغان وحده لكي يتغير شيء ملموس في مقاربة تركيا للأزمة السورية. فليس مؤكدا أن أردوغان سيعتمد سياسة أكثر صلابة في سوريا، في حين أنه يدرك أن ثقة الناخب التركي ليست مطلقة، وإنما تخضع لمقياس النجاحات التي يحققها أردوغان على صعيدي الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي.

إن الإيجابية الأساسية لانتصار أردوغان أن تركيا المؤثرة إلى حد بعيد بمصير الصراع في سوريا لن تتغير، بل إن قرارها هنا صار أكثر استقرارا. ثم إن أردوغان الذي كان مرتبكا منذ حزيران الماضي سيكون أكثر ثقة باستناده إلى وكالة شعبية قوية ليجلس إلى طاولة التفاوض حول مصير سوريا، فيما تواصل روسيا ضرب العديد من الفصائل السورية المعارضة التي تحظى برعاية تركية إلى جانب رعاية الدول العربية الداعمة للثورة مثل السعودية وقطر.

السؤال اليوم: إلى أي مدى سيواصل بوتين استهداف الفصائل التي تدعمها تركيا دون أن يسمع ردا تركيا على الأرض؟

انتهت الانتخابات التركية، وبانت الصورة للمرحلة المقبلة، ما يحتم على السعودية التي تقاتل على أكثر من جبهة أن تعمل بجدية على بناء حلف مع تركيا أكثر قوة بنتائج انتخابات واضحة.

فحلف روسيا – إيران لا يواجه جديا إلا بحلف السعودية – تركيا سواء عقد مؤتمر “فيينا -2” أو لم يعقد.

المصدر : النهار 

زر الذهاب إلى الأعلى