يقدم مجلس الأمن توصياته بشأن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم الدولي ويقرر ما يجب اتخاذه من تدابير لحفظ السلم والأمن الدوليين أو إعادتهما إلى نصابهما.
إذا رأى مجلس الأمن أن تدابير الحل السلمي والمفاوضات لا تفي بالغرض أو ثبت أن الأطراف المتنازعة لم تفِ بالتزاماتها، جاز له أن يستخدم القوات الجوية والبحرية والبرية لحفظ السلم والأمن أو لإعادته إلى نصابه.
يلخص ما سبق الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، والذي طالب بتنفيذه السوريون في مظاهراتهم المليونية المناوئة لنظام الأسد، وهو القرار الذي اعترضت على تطبيقه روسيًا باستخدامها الفيتو. ويوضح هذا الفصل سبب قبول نظام الأسد في سوريا بالتفاوض في كل مرة يطلب منه المجتمع الدولي ذلك من أجل حل سياسي “للأزمة السورية”.
قال أحد ممثلي الحكومة السورية مرةً “سنغرقهم في التفاصيل”، كانت هذه سياسة حكومة الأسد وداعميه الإيرانيين والروس منذ عام 2011 خلال أي محادثات: التلاعب؛ الانضمام إلى محادثات السلام وإخفاء الإرادة في عدم التوصل إلى اتفاق أو نتائج حقيقية عن طريق التفاوض العلني.
وتمارس هذه الجهات مساومات سرية لا تعتمد على حل سياسي أو على مصالح الشعب في سوريا بل على تبادل المصالح الخاصة بين الدول والحفاظ على حكومة الأسد وأركانها. تتجنب حكومة الأسد بهذه التصرفات انتهاك المادة 40 من الفصل السابع ولكن في الوقت نفسه تواصل تدمير أي جهد للتوصل إلى حل في مصلحة الشعب السوري أولًا.
انتهت الجولة الأولى من محادثات السلام في فيينا يوم 30 تشرين الأول بالاتفاق على “أرضية مشتركة” ولكن ليس على مصير الأسد. وأظهرت البنود* التي أفرزتها المحادثات ما أسموه “أرضية مشتركة”، مشتركة بحيث تكون من المسلّمات، ولم تتغير الصيغة كثيرًا في الجولة الثانية، السبت 14 تشرين الثاني.
فلم يكن أحد يتوقع مثلًا أن تنتهي المحادثات بالاتفاق على حرمان السوريين من حقوقهم نظرًا لدينهم أو عرقهم.
لم تتضمن جميع البنود الأخرى من البيان أي قفزة أو حتى اتفاق بشأن القضايا الخلافية التي تقف في وجه أي حل في سوريا، مثل مصير الأسد. ومع ذلك وجد مواطنون سوريون بعض النقاط في هذه المسلّمات قابلة للنقاش.
البند رقم 1 ينتهك مبادئ الديمقراطية والمادة 21 من “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”!
منير الفقير، معتقل سابق من دمشق تعرض للتعذيب على يد مؤسسات أمن الدولة والأمن السياسي والعسكري، بسبب أنشطة سلمية معارضة للنظام، قال إن تعبير “مؤسسات الدولة” في المادة 2 يجب تعريفه، وينبغي تجميد عمل المؤسسات الأمنية على أقل تقدير خلال الفترة الانتقالية، ويقرر الدستور الجديد بعد هذه المرحلة ما يجب القيام به تجاه المؤسسات الأمنية، وكيفية محاسبتها عن الجرائم التي ارتكبتها.
وأضاف منير أن هناك تناقضًا كبيرًا بين المادة 1 التي تتضمن أن “الطابع العلماني” لسوريا هو أمر أساسي”، والمادة 8 التي تقول إن “الشعب السوري سيقرر مستقبل سوريا”.
عمار العبسي مدرس في مدينة حلب، اعتقِل وتعرض للتعذيب على يد مخابرات القوات الجوية والمؤسسات الأمنية الأخرى، قال إن الاتفاق على ما هو بديهي يعني عدم وجود اتفاق حقيقي. وأضاف “يجب ترك البتّ في طبيعة الدولة للسوريين، كما أنه من المسلّمات أننا نريد الحفاظ على مؤسسات الدولة، ولكن في الوقت نفسه ينبغي إعادة بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية، ومحاسبة المجرمين أمر ضروري لتحقيق العدالة”.
“إنها مكتوبة بشكل جميل لكنها عامة جدًا، وكل بند بحاجة إلى تضيق وتوضيح”، كما وصف شيار خليل بنود فيينا، وهو صحفي سوري، اعتقل وتعرض للتعذيب على يد المؤسسة الأمنية العسكرية بسبب عمله الصحفي.
قال شيار إن تعبير “مؤسسات الدولة” يجب تحديده، وذلك بفصل المؤسسات الأمنية واخضاعها للمساءلة، مضيفًا أن مصير الأسد هو نقطة حاسمة في أي اتفاق، وسوف تفشل المحادثات بشكل كامل مثل سابقاتها، إذا لم يتم التوافق على هذه النقطة، فقد توجه السوريون إلى الشوارع يطالبون برحيله، هذه هي القضية الرئيسية.
يجب تعريف مؤسسات الدولة
وافق ضاحي المسلماني، مفتش الدولة وقاضي التحقيق المنشق عن الحكومة السورية، على المواد فهي “لا تحتاج للكثير من التفسير، باستثناء المادتين 2 و8 فهما تتطلبان مزيدًا من التوضيح، عن أي سوريا يتحدثون في البند الثامن، هل هي سوريا الأسد مرة أخرى؟ وعلاوة على ذلك، ما الذي يقصدونه بـ المؤسسات؟ هل هي الجيش والأمن؟ لا أوافق على هذه النقاط، فتلك المؤسسات قتلتنا وقتلت أطفالنا”.
وأضاف “نحن بحاجة الى محاسبة تلك المؤسسات عن جرائمها؛ أنا أؤيد دولة علمانية في سوريا ولكنني لا أوافق على أن يكون القرار بذلك لممثلي 19 من القوى العالمية والإقليمية، والتي ليس منها سوريا، طابع الدولة يقرره السوريون”.
تعرض أحمد المسلماني (17 عامًا)، نجل القاضي المسلماني، للتعذيب حتى الموت على أيدي أفراد الأمن العسكري، لأنه كان يحمل أغنية ضد النظام في هاتفه المحمول، عندما تم توقيفه من قبل أفراد نقطة تفتيش تابعة للمؤسسة الأمنية، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بتصوير تعذيبهم وإهانتهم للطفل من أجل المتعة.
* بنود فيينا التسعة:
– وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها وهويتها العلمانية أمور أساسية.
– مؤسسات الدولة ستظل قائمة.
– حقوق كل السوريين يجب حمايتها بصرف النظر عن العرق أو الانتماء الديني.
– ضرورة تسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.
– ضمان وصول المنظمات الإنسانية لكل مناطق سوريا وسيعزز المشاركون الدعم للنازحين داخليًا وللاجئين وللبلدان المستضيفة.
– الاتفاق على ضرورة هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” وغيرها من الجماعات الإرهابية كما صنفها مجلس الأمن الدولي واتفق عليه المشاركون.
– في إطار العمل ببيان جنيف 2012 وقرار مجلس الأمن الدولي 2118 فإن المشاركين وجهوا الدعوة للأمم المتحدة لجمع ممثلي الحكومة والمعارضة في سوريا في عملية سياسية تفضي إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية، على أن يعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات.
وينبغي إجراء هذه الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بموافقة الحكومة وبالتزام أعلى المعايير الدولية للشفافية والمحاسبة، وأن تكون حرة نزيهة يحق لكل السوريين ومنهم المغتربون المشاركة فيها.
– سوريا هي التي تملك وتقود هذه العملية السياسية والشعب السوري هو من يحدد مستقبل سوريا.
– المشاركون ومعهم الأمم المتحدة سيدرسون ترتيبات وتنفيذ وقف لإطلاق النار بكل أنحاء البلاد يبدأ في تاريخ محدد وبالتوازي مع هذه العملية السياسية الجديدة.
المصدر: عنب بلدي