ليس كلام وزير الداخلية الايراني عبد الرضا رحماني فضلي عن عدم تدخل طهران في العمليات العسكرية في سورياً جديداً بالنسبة الى مسؤول ايراني. ولا قوله إن طهران تدعم دمشق في مجالات التجهيز والاستشارات ونقل الخبرات هو الاول من نوعه.فمنذ أكثر من اربع سنوات يكرر المسؤولون الايرانيون هذه اللازمة، فيما يحطّ نظامهم بثقله خلف الاسد ونظامه ويدفع له المليارات ويجنّد له الميليشيات من أقصى الشرق لضمان بقائه وحفظ ما يعتبره مصالح استراتيجية له في دمشق.
المفارقة في كلام الوزير الايراني أنه يأتي بعد بلوغ الدعم الايراني لقوات الاسد مستويات جديدة في 2015. ففي كلام لافت للرئيس بشار الاسد في تموز الماضي، أقر بنقص في قواته القتالية وبأنها تقلصت بنسبة 50 في المئة عنها قبل الحرب. في تلك الفترة كانت المساحة التي لا تزال تحت سيطرته تمثل سدس مساحة سوريا تقريبا. وبالتأكيد ليست الدعوة التي وجهها الاسد الى السوريين للانخراط في صفوف الجيش هي التي أكسبت قواته زخماً وأعادت اليها المبادرة.
بشهادات عدة، أبرزها الرواية المتكاملة لوكالة “رويترز”، اضطلعت طهران بالدور الرئيسي في التحول الأبرز الذي شهدته الساحة السورية العام الماضي. فبينما لم يكن حبر الاتفاق النووي بين طهران والغرب قد جفّ بعد، كان قائد “فيلق القدس” الجنرال قاسم سليماني يشرح لمضيفيه الروس كيف يمكن لعب الورقة الأخيرة في الحرب السورية واعادة المبادرة الى الاسد. وخلافا لما يدعي المسؤولون الايرانيون، وآخرهم فضلي، دفعت طهران مذذاك بمئات من قوات “الحرس الثوري” الى سوريا. وفي حينه أكد مسؤولان لبنانيان أن التعزيزات الايرانية لا تشبه سابقاتها، وهي لا تقتصر على “مستشارين”، وإنما تعدّ المئات مع معدات وأسلحة.
وتفنّد دراسة لـ”معهد الدفاع عن الديموقراطيات” ومقره واشنطن خلفيات الايرانيين الذين قتلوا في سوريا منذ أيلول، مؤكدة أنها تعكس أنواع النشاطات التي مارستها طهران في هذه المرحلة من النزاع. فالقتلى الايرانيون الذين نشرت اسماءهم وسائل الاعلام الايرانية هم أفراد من الفرق المدرعة وسلاح الهندسة والمدفعية وبحرية “الحرس الثوري” والقوات الخاصة المحمولة جواً، اضافة الى القوة شبه العسكرية “الباسيج”.
وتتحدر هذه الوحدات من محافظات ايرانية مختلفة، مما يشير الى أن “الحرس الثوري الايراني” صار قوة تدخل سريع في سوريا. وهذا لا يشمل بالطبع الميليشيات العربية (لبنانية وعراقية ويمنية) والافغانية والباكستانية التي تحارب بها ايران بالواسطة في سوريا. أما الدعم المالي الايراني للأسد الذي تراوح التقديرات له بين ستة مليارات و20 مليار دولار، فمرشّح للزيادة مع استعادة طهران أموالها المجمدة في المصارف الدولية بعد رفع العقوبات عنها… ومع كل هذا يؤكد الايرانيون أنهم لا يحاربون في سوريا!
المصدر : النهار