مقالات

دينيس كوكتجي – حروب البترول.. من المستفيد منها؟

في الوقت الحالي، وحسب ما يُجمع عليه أغلب المحللين، فإن مشاكل العالم أجمع سببها البترول.

بحسب البحوث الاقتصادية، فإن العرض والطلب هما من يحدّدان كمية الإنتاج وسعر البترول. لا شك بأن العالم في العشر سنوات الأخيرة لم يستطع الخروج من تبعات منطقة الخطر الاقتصادي، وهو ما جعل التطور الاقتصادي متذبذبا. وهذا يعني تراجع الطلب على البترول وباقي مصادر الطاقة الأخرى بشكل عام. يتمثل الحل في تخفيض الطلب إلى حد يتساوى فيه مع العرض.

دول العالم، بين الإنتاج والاستهلاك 

هناك دول تمتلك أعلى احتياطي بترول في العالم. فنزويلا مثلا لديها الاحتياطي الأعلى على مستوى العالم ب 17.5 في المائة، والمملكة العربية السعودية 15.7 في المائة، ثم تأتي كندا خلف هاتين الدولتين بنسبة 10.2 في المائة. أما في المركز الرابع فهناك إيران بنسبة 9.3 في المائة، والعراق بنسبة 8.8 في المائة في المركز الخامس.

نجد الصين في المركز الأول عالميا من ناحية الاستهلاك بنسبة 23 في المائة. ثم الولايات المتحدة الأمريكية في المركز الثاني بنسبة 17.8 في المائة. تليها روسيا في المركز الثالث بنسبة 5.3 في المائة، والهند بنسبة 4.9 في المائة في المركز الرابع. إن المنتجين الوحيدين الموجودين في خانة المستهلكين، هما روسيا وكندا.

قديما كانت أوبك تقوم بتخفيض العرض عند انخفاض الأسعار للحفاظ على توازن السوق. كان تخفيض العرض يتم غالبا بمبادرة من السعودية. أما خلال هذه الأزمة فلم تقم المملكة بتخفيض العرض، بل قامت على العكس من ذلك برفعه. لأن إيران كانت تحت طائلة العقوبات بسبب مشروعها النووي قبل أن تعود لسوق الإنتاج. وفنزويلا من طرفها كانت تفتقر للتحكّم الجيد في الطاقة وقد أعلنت إفلاسها، لهذا لم تكن قادرة على التصدير. في هذا الإطار، قامت الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام الحجر الزيتي وبدأت بتصدير البترول، الذي كان ممنوعا من التصدير على مدار 40 سنة مضت. هذا الأمر أدى دورا كبيرا في انخفاض الأسعار.

 تخفيض الأسعار يصب في مصلحة من؟

 إذا نظرنا إلى الشركات المنتِجة في الدول المصدّرة، نجد أن السعودية هي المستفيد الأكبر، حسب إحصاءات شركة “ريستاد إنيرجي”، نجد أنه عند انخفاض أسعار البترول إلى حد 60-70 دولارا، فإن كلّا من كندا، ومصر، ونيجيريا، والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ستكون غير قادرة على الربح. أما عند أسعار 50-60 دولارا فإن كلّا من روسيا وفنزويلا ستكونان غير قادرتين على الربح.

في حالة 40-50 دولارا فإن دولا مثل النرويج وقطر ستكونان غير قادرتين على الربح. وعند 20-30 دولارا فإن كلّا من إيران والعراق سيكونان عند حد متساو. أما عند أسعار 10-20 دولارا ستكون هناك دولتان قادرتان على الربح فقط، هما السعودية والكويت! في هذه الحالة فإن السعودية والكويت إذا رفعتا العرض، فإن كل منافسيهم في السوق يصبحون غير قادرين على المنافسة.

في حين أن الصين تسير بنسق بطيء، والولايات المتحدة في حالة غير مستقرة، فإن المستفيد الأول من انخفاض السعر هو السعودية. لكن إذا أبقت المملكة السعودية على العرض مرتفعا وقامت بتخفيض الأسعار، فإن ذلك سيؤثر على العديد من الدول التي لن تكون قادرة على زيادة العرض والربح.

ولحدوث انخفاض في الطلب على المنتجات الأخرى، فإن الدول المصدّرة للمنتجات مثل الصين، أصبحت غير قادرة على الربح من المواد الخام الأخرى مثل الحديد، والنيكل، والنحاس والكروم. أما في حالة السعودية فإنها تعمل على زيادة إنتاجها من البترول، من أجل جعل منافسيها في خانة الضيق ما عدا الكويت. إيران في حالة انخفاض الأسعار إلى 20-30 دولارا فإنها ستكون عاجزة عن تغطية التكاليف.

وفي الوقت ذاته تكون السعودية قد قامت بوضع حد للدول المنتجة للصخر الزيتي أو غاز الشيست، ومنعتهم من تكوين احتياطي مثل الولايات المتحدة، ومن جهة أخرى تكون قد وضعت إيران في مأزق في حربها في اليمن. بعض الدول في المستقبل القريب قد تعمل على بيع من 10 إلى 15 في المائة من حصصها في شركات أرامكو، وذلك لأجل إيجاد حل لمشاكلها المالية. هكذا تكون السعودية قد ضربت عصفورين بحجر واحد.

المصدر : أكشام التركية ، ترجمة عربي 21 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى