مقالات

راجح الخوري – دور مَن بعد بروكسيل؟

ليس السؤال الآن ماذا حدث في بروكسيل وكيف أمكن الارهابيين ان ينفذوا هذه الهجمات القاتلة على المطار ومحطة المترو بعد أربعة أيام من اعتقال صلاح عبد السلام، المطلوب رقم واحد لدى الأجهزة الأمنية الأوروبية، بعدما كان الناجي الوحيد من أعضاء المجموعة الارهابية التي خططت ونفذت الهجمات في باريس وسان دوني قبل أربعة أشهر؟

ولم يعد السؤال إن كانت الهجمات في بروكسيل جاءت سريعاً رداً على عملية إعتقاله يوم الجمعة الماضي، وقد ثبت ان عشرات لا بل مئات الإرهابيين عادوا من سوريا والعراق وهم يحملون الجنسيات الأوروبية ويشكلون قنابل نائمة يمكن ان تنفجر في أي لحظة وأي مكان، وان من الصعب جداً مراقبة تحركاتهم؟

ايضاً لا ينفع السؤال الآن كيف استطاع صلاح عبد السلام ان ينتقل من باريس الى حي مولنبيك المشبوه إرهابياً منذ زمن، وكيف أقام مدة ١٤ يوماً هناك لدى عائلة تعرف انه يقطر بدماء الفرنسيين، ثم كيف استطاع ان يتنقّل كثيراً خلال الأشهر الأخيرة كما ثبت للمحققين ولم يكتشفه أحد، وقد تبيّن انه تحرك بين هولندا والنمسا والمجر واليونان، على رغم ان صورته عُممت مباشرة بعد العمليات الإرهابية في باريس؟

ثم أليس واضحاً جداً ان بقاءه في ذلك الحي الذي يمثل مصدراً غزيراً للتطرف والذي خرج منه الكثيرون من الإرهابيين، يُفترض ان يطرح الآن تساؤلات عميقة عن عمليات المطاردة والرصد التي كانت تتعقبه، وعجزت بالتالي عن رصد الإرهابيين الذين تحركوا سريعاً ونفذوا جرائمهم رداً على اعتقاله كما يبدو؟

وهل كثير الإفتراض ان كل هذا سيضاعف المخاوف ويرفع منسوب القلق الى مداه الأقصى، وخصوصاً حيال المئات من أمثال عبد السلام ورفاقه القتلة الذين يبدو انهم يستطيعون ان يتنقلوا على”متن الشنغن” كمواطنين أوروبيين فخختهم “داعش” ويمكن ان يتفجروا في أي لحظة وأي مكان من القارة الأوروبية؟

إنها أسئلة ضرورية ملحّة ومحرجة بالتأكيد، لأن ليس في وسع اوروبا ان تفرض أنظمة رقابية زجرية وتعسفية خانقة تجعل بلداً في القارة الأوروبية نسخة عن الرقة في سوريا أو الموصل في العراق، لأن هذا يشكّل انتصاراً للارهابيين عبر تدعيش الحياة الأوروبية؟

ولكن من الضروري ان نتذكر ان هناك ٢٦ بلداً في أربع قارات تعرّضت لهجمات إرهابية منذ بداية هذه السنة في افريقيا والشرق الأوسط والأميركتين، وهذ ما يجعل قول أحد المسؤولين الفرنسيين صحيحاً: “عام ٢٠١٥ كان صعباً وعام ٢٠١٦ سيكون فظيعاً”؟

لذا فإن السؤال الوحيد الملحّ في ظل هذا التقاعس الدولي المعيب جداً في إستئصال سرطان الإرهاب المستفحل وكذلك الذين سببوه ورعوه هو: بعد بروكسيل دور مَن سيكون في التفجيرات الإرهابية؟!

المصدر : النهار 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى