أعلن الجنرال علي آراسته، نائب منسق القوات البرية الإيرانية، أن بلاده سترسل «قوات خاصة من اللواء 65 ووحدات أخرى إلى سوريا للعمل كمستشارين»، مضيفا أن إيران قد تقرر في وقت ما، استخدام قوات خاصة، وقناصة، من قواتها المسلحة كمستشارين عسكريين في العراق وسوريا. فلماذا تعترف إيران الآن «علنا» بتورطها في سوريا؟
المعروف أن لطهران مرتزقة، وميليشيات، ومنهم إرهابيو حزب الله، وقوات من وحدات الحرس الثوري، تقاتل في سوريا نصرة للمجرم بشار الأسد، لكن إيران تنفي ذلك دائما، وتنعم، أي إيران، بتغاض مذهل، بل مخز من الإعلام الغربي حول دورها في سوريا، كما تحظى طهران بتغاض مريب من إدارة أوباما، حول دورها الشرير بدعم مجرم دمشق، وقبله أنصارها في العراق، فلماذا تخرج إيران للعلن الآن، مقرة بإرسال قوات إلى سوريا؟ أعتقد أن هناك ثلاثة أسباب، وجلّها دعائي، وأبرزها المراهنة على ضعف أوباما نفسه.
السبب الأول هو «إعلان» الانسحاب الروسي من سوريا، وسيان كان فعليا، أو تحايلا، فإن الإعلان الروسي يعني كشف الغطاء عن الأسد، وتحاول إيران القول الآن، إنها البديل لحماية مجرم دمشق، وهي رسالة ليست للأسد، وحسب، بل ولكل أنصار إيران في المنطقة.
السبب الثاني هو ما تسرب مؤخرا عن اتفاق روسي – أميركي على ضرورة رحيل الأسد، ورغم كل النفي، فالواضح هو أن إيران لا تثق بالمواقف الروسية – الأميركية، وتعي، أي طهران، أن اتفاق موسكو – واشنطن سيكون فوق رؤوسهم، فالمصالح أكبر، وإيران وعملاؤها ما هم إلا بيادق برقعة الشطرنج، وهنا يجدر التنويه بالبيان الصادر عن علماء علويين ينأون فيه بأنفسهم عن الأسد، مما يعني أن دوائر مجرم دمشق، باتت تشعر بأمر ما يحاك في الخفاء، والأكيد أن إيران ستكون أول المستشعرين، فالغدر لعبة طهران، والغدار يشتمّ الغدر عن بعد ألف طعنة!
والسبب الثالث لإعلان إيران إرسالها قوات خاصة لسوريا، هو الكشف عن أن إدارة أوباما تدرس خطة لزيادة عدد القوات الخاصة الأميركية، التي أُرسلت إلى سوريا بشكل كبير، مع تطلعها، أي الإدارة الأميركية، للتعجيل بالمكاسب التي تم تحقيقها مؤخرا ضد «داعش»، وخصوصا بعد تصفية الأميركيين للمتحدث باسم «جبهة النصرة»، ما يظهر أن موسكو وواشنطن تسير بخطى سريعة لتنظيف المشهد من قيادات الإرهابيين.
بالتالي، فإن الخطوة اللاحقة هي الانتقال السياسي، ويؤكده دعوة الروس، الاثنين الماضي، لمفاوضي الأسد بضرورة «إظهار مرونة»! كل ذلك يدفع إيران لإعلان التدخل في سوريا لإشعار الروس بوجودهم، وبالتالي عدم تجاهلهم بأي اتفاق متوقع مع الأميركيين، وكذلك من أجل دفع أوباما لإعادة النظر في حساباته، وهو المعروف بالتردد، وخصوصا بعد تراجعه عندما تجاوز الأسد الخطوط الحمراء، وكذلك، وهذا الأهم، فإن إيران تريد القول لعملائها بالمنطقة، إنها لن تتخلى عنهم. هذه هي القراءة للإعلان الإيراني العلني بالتدخل في سوريا، والأيام حبلى بالمفاجآت!
المصدر : الشرق الأوسط