يتعّرض لبنان لمؤامرة توطين اللاجئين السوريين، ما دامت الدول الكبرى والمؤثرة في هذا الملف لا تتجاوب مع المخارج والحلول التي تقترحها الحكومة لتأمين عودة آمنة لهم وإعادتهم الى المناطق التي أصبحت آمنة. ومما يدعو للاستغراب أن تلك الدول لا تأخذ في الاعتبار وحدة الموقف اللبناني الرسمي والشعبي وخطورة وجودهم أمنيا وديموغرافيا واقتصاديا. وما يزيد الدهشة هو أن حكومات تلك الدول حريصة على أمن السوري أكثر مما هي حريصة على مخاطر هذا الوجود المؤثر سلبا في مجالات عدة.
قد يكون هذا التعامل الدولي مع خطر اللجوء السوري الى لبنان هو الاول من نوعه في تاريخه من حيث الحجم الهائل الذي يتضاعف عدده بفعل الولادات السنوية، والأخطر هو ان هذه الولادات لا تسجّل في السفارة السورية في لبنان. ويذكر ذلك التعامل مع اللجوء السوري بما سبق للبنان ان عاشه عندما استضاف اللاجئين الفلسطينيين الذين اضطروا الى ترك منازلهم وممتلكاتهم تحت ضغط الاعتداءات التي شنّها اليهود عليهم، وما لبث مقاتلو التنظيمات الفلسطينية أن حملوا السلاح ضد اللبناني.
ويرى مسؤولون أن ما يزيد الطين بلة هو ان قادة الدول يمتدحون استيعاب لبنان العدد الذي يفوق طاقته، فيغرقونه بالوعود بمساعدات مالية لا تأتي إلا منقوصة، والذريعة هي ان بعض الدول المانحة تتأخر في إيفاء ما وعدت به. والمثال على ذلك مقررات مؤتمر لندن حول اللاجئين السوريين، والتي لم تنفذ حتى الآن، وهناك بعض المعلومات التي تقول انه لن تسلم الى السلطات المختصة قبل العام المقبل، مع شروط تحسين وضع اللاجىء بمنحه إجازة عمل وإنشاء مشاريع تمول من المبالغ التي ستسلم، وهذا يعني فرصة عمل للاجئ السوري الذي قد يسعى للبقاء في لبنان للافادة المالية.
ولعل ما يقلق المسؤولين هو ان المفوضية العليا للاجئين تؤمن محفزات لتشجيع اللاجىء في لبنان، ولا تأخذ في الحسبان اندساس عدد كبير من الارهابيين الذين تسللوا الى لبنان مع اللاجئين العاديين، ومدى خطورة ذلك على الامن القومي للبلاد.
واللافت أن إحدى المنظمات التي تعنى باللاجئين تتباهى بالقول إن المنظمة تمكنت من ترحيل 35 الف لاجىء من لبنان الى دول أخرى، تجاوبا مع ما يطالب به المسؤولون.
ونبّه مسؤول حكومي الى أن بعض المفوضيات التي تعنى باللاجئين تسعى الى إعادة توطين الذين رحلوا الى خارج لبنان، لأن ذلك يشكّل وفق مسؤول في إحدى المفوضيات “شبكة أمان لهم” وفق تصنيفات تبدأ بالناجين من التعذيب او الصدمات النفسية او النساء المعيلات لاسرهن او الاشخاص الذين يعانون مرضا خطيرا لا يمكن معالجته محليا.
المصدر : النهار