منذ أن أعلن الرئيس أردوغان من مدينة كلس عن منح الجنسية التركية للمهاجرين السوريين بدأت حرب الإعلامية من قبل قنوات المعارضة السياسية الإعلامية وفي كل يوم نشاهد عناوين جديدة وتصريحات جديدة .
والذين لا يعلمون بالقوانين سيظنون أنه سيقام قانون خاص بالسوريين لمنح الجنسية التركية لهم ويتم خداعهم عن طريق ادعاء رخيص مثل هذا ، وإنما الهدف من هذا القانون هو إجراء بعض التغييرات البسيطة على شروط منح الجنسية التركية واكتشاف الأخطاء التي كانت بها وإصلاحها ولن تُعطى الجنسية لأحدٍ بالغصب وانما ستُعطى للذي يريد الحصول عليها .
والأشخاص الذين يتقدمون لأخذ الجنسية يجب أن تتوفر فيهم ثمانية شروط مختلفة :
أن يكون راشد ، أن يكون مقيم في تركيا لمدة خمس سنوات ، أن لا يكون مصاب بمرض خطير ، أن يكون صاحب أخلاق جيدة ، وأن يكون يتكلم اللغة التركية ، وأن يكون صاحب عمل أو صاحب دخل يكفيه لاحتياجاته ، وأن لا يكون لديه ملف عند الأمن القومي يهدد سلامة الدولة .
يستطيع كل أجنبي مهما كان أصله و تتوفر به هذه الشروط أن يتقدم بطلب الحصول على الجنسية التركية ، وإنّ الناس الآن تقوم بالجدال من أجل منح الجنسية للسوريين ولكن في الحقيقة هي لست فقط للسوريين وإنما لجميع المهاجرين إلى تركيا ولكن بسبب وجود النسبة الأكبر للسوريين بين المهاجرين أخذ الموضوع اسم “منح الجنسية للسوريين “.
وقبل أي شيء يجب أخذ مشاكل المهاجرين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بعين الاعتبار ، ونحن الآن نتكلم عن ثلاثة ملايين إنسان مهاجر يعيشون في هذه البلاد بكل سرور على مدى خمس سنوات ومن دون إحداث أي مشاكل فقد اظهروا جودتهم بها ، والذين يتسولون في الأزقة هؤلاء لا يتسولون لأنهم سوريون بل لأنهم اتخذوا التسول مهنة وحتى السوريون يتشكون منهم .
ومن الجدير بالذكر أنّ ما يقارب 3 مليون سوري يعيشون على الأراضي التركية منهم مليوني امرأة وطفل والباقي من الرجال نصفهم مسنين وجرحى وأصحاب إعاقة والبقية نصف مليون رجل يتكونون من حرفيين وتجار وأصحاب ثروات وأصحاب كفاءات وعلى سبيل المثال هناك 15 ألف طبيب سافر قسم منهم إلى أوروبا والقسم الأكبر فضّل البقاء في تركيا ، من هذا نستنتج أن من يستطيع التقدم بطلب الحصول على الجنسية 500 ألف شخص وأن الحكومة كانت قد طلبت 30 – 40 ألف لمنحهم الجنسية والهدف النهائي 300 ألف شخص.
ودعونا نلمس القضية من جانب آخر ، إن الحكومة قدمت 11 مليار دولار دعماً للاجئين السوريين من ما ساهم بتأثيرات سلبية على الاقتصاد التركي فجعل الحكومة مضطرة لإيجاد حلٍ ، ومن الأكيد ان الحل المثالي عودتهم الى بلادهم لكن هذا الحل لا يُرى على أنه بالقريب ومنحهم الجنسية احد هذه الحلول الذي سوف يعود بالفائدة على الدولة التركية وعلى هؤلاء الناس الضعفاء.
ومن الملاحظ أنه سوف تستفيد تركيا من هذا الحل بشكلين أولهم سيتم الاستفادة من أصحاب الكفاءات الموجودين بين المهاجرين والثاني تخفيف من المصاريف التي تصرف على اللاجئين من ما يعود بفائدة اقتصادية على تركيا .
إن البعد الإنساني للقضية يظهر مدى أصالة ثقافتنا وعاداتنا ، فمن الممكن ان تكون بلادنا اكثر البلاد التي استقبلت المهاجرين فمنذ أيام الدولة العثمانية كانت بلادنا ملجأ للضحايا وبركة للسلام .
فعندما قبلنا استضافة اليهود الهاربين من ظلم الصليبيين في الاندلس فتحنا لهم أبوابنا على أنهم مظلومون من دون النظر إلى معتقداتهم ، واللاجئين الفارين من ظلم هتلر كانوا قد اختاروا تركيا مأوى لهم .
وإذا تحدثنا عن السوريين ألم يكونوا من مواطنينا من مئة عام ؟ وقد قاموا بالدفاع عن هذا البلد ضد أعدائنا معنا جنباً إلى جنب في معركة شاناكاليه .
إن ردة الفعل التي خرجت بها المعارضة عندنا لا تختلف عن ردة الفعل العدائية من اليمين المتطرف بفرنسا ضد المهاجرين المسلمين!! ، حسناً إذا قلنا للمعارضة إن هؤلاء ليسوا بمسلمين ألا ترون أنّه لن يبقى لدينا أي شيء من الإنسانية والسلام والتسامح !
المصدر : صحيفة ستار ؛ ترجمة وتحرير وطن اف ام