لماذا توافق تركيا على كردستان العراق وفي نفس الوقت لا تسمح لأكراد سوريا بأن يتنفسوا؟
كان هذا من أحد أكثر الأسئلة التي سئلت من بعد عملية “درع الفرات” التي قامت بها تركيا في سوريا .
لماذا ترى تركيا الفدرالية التي أنشئت في إقليم كردستان العراق قريبة منها ولماذا اعتبرت تركيا في السنوات الأخيرة حكومة إقليم كردستان العراق واحدة من أفضل الحلفاء القريبة منها في الشرق الأوسط وتقف على مسافة من الكيان الكردي الناشئ حديثا في سوريا وحتى أنها ترى وحدات حماية الشعب الكردية العاملة في سورية هي عبارة عن تنظيم إرهابي خطره لا يقل عن خطر تنظيم داعش .
أليست المنطقتين مناطق كردية ؟ فما هو الشيء المختلف بين اكراد سوريا واكراد العراق؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال سيكون من الضروري عرض هذا التحليل
إن تركيا ليست كما كانت من قبل ترى الأكراد في المنطقة هم عبارة عن عدو لها فقد قبلت أن يعبر الأكراد عن حقوقهم الشرعية من خلال الوسائل الديمقراطية وضمن خط الشرعية وفهمت أنهم كانوا قد تعرضوا للظلم في فترة من الزمن وحتى الوقت الحالي وإن تركيا كان لها نصيبها من هذا الظلم وعلى هذا الأساس تريد أن تتعامل معهم وهذا هو النموذج الجديد لتركيا.
هناك تاريخ للكفاح المسلح في كردستان العراق ضد النظام عمره مئة عام قام بقيادته الملا مصطفى البرزاني حتى الموت واستلم القيادة من بعده ابنه مسعود البرزاني ، وخلال مئة عام من الكفاح المسلح الذي قام به أكراد العراق لم يقوموا ولو مرة واحدة بتفجير قنابل حية في المناطق المدنية ولم يقوموا باقتحام أحد القرى الكردية والقضاء على جميع من فيها بحجة أنهم يتعاونون مع النظام ولم يصفوا باقي الأحزاب الكردية التي لا تتبع تفكيرهم بالخونة والعملاء.
لم يكن أحد من قادة الحزب الديمقراطي الكردي الذي قام بالكفاح المسلح ضد النظام من المواطنين الأتراك ولم يقوموا بنقل حروبهم إلى تركيا وقبل مهاجمتهم بالسلاح الكيميائي من قبل النظام قاموا بالهجرة إلى تركيا .
ودائما كانوا يعلنون أن تركيا هي بلد صديق وحليف لهم ويتصرفون على هذا الأساس واستغرقت تركيا وقتاً لكي تتفهم هذا ولكن في النهاية فهمته ولهذا السبب ظلت العلاقة بين الطرفين علاقة مدنية .
أما كردستان سوريا فقد كان في منطقة غريبة من نوعها ومنذ القرن الماضي اتخذ الخطوات لقطع نشر الفكر الكردي ولم يكن النظام هناك يعطي الأكراد حقوقهم الإنسانية فلم يعطهم الجنسية وقام بسحق كل الحركات عن طريق سفك الدماء.
وفي بدايات عام 1980 هرب عبد الله أوجلان من تركيا وقام باللجوء إلى سوريا وبدأ أوجلان بموافقة النظام السوري بإدارة الحرب ضد تركيا من سوريا وفي نفس الوقت بدأ بإنشاء منظمة تابعة له .
والآن وفرت الحرب الداخلية في سوريا فرصاً جديدة لهذه المنظمة فقد أعلنت قوات الحزب العمال الكردستاني المتواجدة في سوريا عن حكمها الذاتي الديمقراطي في الإقليم هناك مستفيدة من حالة الفوضى الموجودة الآن ومع ذلك فإن إعادة الهيكلة التي جرت لم تكن من أجل تحقيق الحرية لأكراد سوريا ولا من أجل جلب الرفاهية والسعادة لهم بل على العكس تماماً فقد كانت أهدافهم هي نقل ما أتوا به من سوريا إلى تركيا لأن كل ما حدث في مناطق الأكراد في سوريا لم يكن المخطط والمعد له أكراد سوريا فقد كان جميع المديرين للوظائف هم من أكراد تركيا ومن البعثيين الأتراك فبعد أن انتهوا البعثيين العرب كان قد أتى مكانهم البعثيين الأتراك والبعثيين الأكراد.
واليوم جميع الكتب التي تدرس في المدارس الواقعة في مناطق الأكراد تطبع في جبال القنديل التي تعتبر مركز الحزب العمال الكردستاني وهناك دروس تشرح عن حياة عبد الله اوجلان وعن الفكر القيادي لديه وتعد هذه الدروس أهم من المواد العلمية والرياضيات .
وبالمختصر استطاع حزب العمال الكردستاني في سوريا تحقيق ما لم يستطع تحقيقه في تركيا وإن أزهرت إنجازاته في سوريا فسيقوم بأقرب وقت بنقلها إلى تركيا .
المصدر : خبر تورك ؛ ترجمة وتحرير وطن اف ام