اليوم والعالم الإسلامي يحتفل بعيد الأضحى المبارك يشعر المواطن العربي الصادق بألم كبير إزاء ما يتحمله الشعب السوري من آلام من جراء قتل وقصف نظام استعان بالقوة الروسية وإيران و»حزب الله» لخراب بلده. سمعنا عن اتفاق أميركي روسي على هدنة لسبعة أيام وافق عليها النظام السوري ورحبت بها دول عدة. ولكن السؤال المطروح هل يلتزم النظام المجرم وحلفاؤه الروس والإيرانيون و»حزب الله» بهدنة وعدوا بها أحياناً (خلال مؤتمر فيينا) ولم يلتزموا يوماً مثل هذه الهدنة.
إن سكان مدن سورية وخصوصاً حلب يتطلعون إلى مثل هذه الهدنة لأنهم لن يتحملوا بعد ذلك القصف والحرب وقتل الأولاد والأمهات وانتشار الأمراض وتعرض المستشفيات والأطباء للقصف والدمار واستهداف الأطباء. ففعلاً عيد بأية حال عدت يا عيد لمدنيي سورية الذين يخضعون لتسلط وإجرام نظام بلدهم. والمعارضة السورية المعتدلة تنتظر حالياً المزيد من التفاصيل والمعلومات حول الاتفاق الأميركي الروسي ولو أنها تنظر إلى هدنة في الحرب بنوع من ترحيب ولكن بتحفظ طبيعي، كون الشكوك مشروعة بنوايا النظام وحلفائه. حتى جون كيري كان يقول: إذا تم تنفيذ الالتزام بالاتفاق لدى الإعلان عنه. وقالت بسمة قضماني (الناطقة الرسمية لهيئة التفاوض المعارضة) لـ «الحياة»: يجب أن تكون هناك ضمانات على أي أمر نقبل به لأن كل مرة يجعلوننا نوافق على أمور لا أحد ملتزم بها أصلاً ولا أحد يفرضها. وينبغي فرض تطبيق الاتفاق إذا كانت هناك خروقات وينبغي أن يقدم الاتفاق لرياض حجاب والهيئة العليا للمفاوضات كي تتم الموافقة عليه.
من الصعب الاعتقاد نظراً لما نراه على الأرض أن هذا الاتفاق سيطبق، كون بشار الأسد يقوم بتهجير سكان من مناطق مثل داريا والمعضمية (الغوطة الغربية) التي وقّعت مع النظام هدنة منذ سنتين والتزمت بها كلياً، وعلى رغم ذلك يريد النظام إفراغها لينقل إليها سكاناً يخضعوا له مئة في المئة. فبشار الأسد يرسم خريطة التقسيم التي تمر عبر الغوطة الغربية ودمشق ضمن خطته. وقد يدرك بشار أنه لا يمكن أن يستمر على رأس بلد دمره وخربه وقتل شعبه، فهو يخطط لمناطق يبقى على رأسها لشدة تمسكه بالسلطة. ومن اللافت أن تفاصيل الاتفاق الروسي الأميركي ستبقى في شكل كبير سرية ما يزيد قلق المشككين به.
لا أحد يثق بالمفاوض الأميركي الذي كثيراً ما قدم تنازلات للجانب الروسي. حتى مسؤولو البنتاغون مستاؤون من احتمال تبادل الاستخبارات والمعلومات العسكرية بين روسيا والولايات المتحدة. ولكن على رغم التشكيك بهذا الاتفاق لا بد أن يرحب كل إنسان عاش في حرب تحت القصف والقنابل والقتال بإيقافها حتى لفترة، لأن الشعب السوري أنهك وتعب من الحرب والوحشية والتجويع. ولكن إذا كان الاتفاق الروسي الأميركي يحمل في طياته احتمال بقاء بشار الأسد فهو ساقط أساساً لأن لا مستقبل لسورية منتعشة ولإعادة إعمارها إذا بقي الأسد على رأس البلد. وحتى إشعار آخر سيبقى الشعب السوري في معاناته طالما بقيت على رأسه هذه القيادة. والحل يكون في إزالتها منذ بداية التحدث عن المرحلة الانتقالية وإلا لن يكون هناك حل إلا بالقوة.
المصدر : الحياة