مقالات

خليل العاني – العائلة الحاكمة في أميركا

لم تتوقف مفارقات الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، عند حدود فوزه المفاجئ في الانتخابات الرئاسية، على الرغم من كل ما صاحب ذلك من صخبٍ وجدل.

ولا تزال الأخبار والمفاجآت تتدفق بشأن مداولات اختيار فريقه الرئاسي، والتي يقوم بها فريق عمل انتقالي، يتكون من مقرّبين لترامب، بيد أن الخبر الأكثر إثارة هو مشاركة أفراد عائلة ترامب في عملية اختيار المسؤولين الجدد في الإدارة الأميركية، المفترض أن تبدأ عملها بعد حلف الرئيس الجديد اليمين في العشرين من يناير/كانون الثاني المقبل، في سابقةٍ هي الأولى من نوعها في تاريخ الرؤساء الأميركيين. حيث تضم اللجنة التنفيذية في الفريق الانتقالي الذي يرأسه مايك بينس، نائب ترامب، ثلاثةً من أبناء الأخير: ابنته إيفانكا (35 عاماً)، وابنيه إريك (32 عاماً)، ودونالد ترامب جونيور (38 عاماً)، بالإضافة إلى صهر ترامب وزوج ابنته إيفانكا، جارد كوشنير (35 عاماً).

تلعب العائلة الحاكمة الجديدة الآن دوراً حاسماً في اختيار أعضاء إدارة والدهم، ويبدو الأمر وكأنهم يديرون إحدى شركاته الخاصة، وليس دولةً بحجم أميركا. وقد تناقلت وسائل الإعلام الأميركية مدى النفوذ الذي تتمتع به إيفانكا وزوجها كوشنير في عملية اختيار أعضاء الإدارة الأميركية الجديدة، والذي وصل إلى حد التخلص من شخصياتٍ كبيرةٍ ومؤثرةٍ في حملة ترامب، منهم، على سبيل المثال، كريس كريستي حاكم ولاية نيوجيرسي، والمرشح الرئاسي السابق الذي انضم لحملة ترامب الرئاسية، ولعب دوراً مهماً فيها.

فقد تمت إطاحة كريستي من رئاسة الفريق الانتقالي قبل أيام في مفاجأة مدوّية. ويُقال إن جارد كوشنير لعب دوراً مهماً في هذا الموضوع، نظراً لوجود خلافات بينه وبين كريستي الذي حبس تشارلز كوشنير (والد جارد)، عندما كان مدّعياً عاماً يحقق في أحد قضاياه المتعلقة بالضرائب، وتلقي تبرعاتٍ غير مشروعة، فضلاً عن بعض القضايا المخلّة بالشرف، وذلك عام 2005. كذلك يُشاع أن موري كوشنير، (أخ تشارلز وعم جارد) كان يدعم كريستي ضد أخيه، بسبب خلافات مالية بينهما، ما أثار حفيظة جارد ضد عمه وضد كريستي، لذا عمل على تهميشه منذ انضمام الأخير لحملة ترامب، أوائل الصيف الماضي، إلى الدرجة التي حرمه فيها من أن يتولي منصب نائب الرئيس. كذلك لعب كوشنير دوراً مهما في استبعاد رئيس لجنة الاستخبارات السابق في مجلس النواب، مايك روجرز، والمحسوب على كريستي، من تولي منصب مستشار الأمن القومي الذي كان مرشحاً له بقوة.

ومن المفارقات أن الشاب جارد كوشنير، وهو رجل أعمال ناجح خريج جامعة هارفارد، وتتجاوز ثروته خمسة مليارات دولار ومن أصول يهودية، أنه لا يتولي أي منصب رسمي في فريق ترامب. ولكنه على علاقة وطيدة بعالم المال والأعمال في “وول ستريت”. كما أنه لعب دوراً محورياً في فوز ترامب بالرئاسة، وكان مسؤولاً بشكل غير مباشر عن ترويج ترامب على “السوشيال ميديا”. وهو الآن يلعب دوراً مهماً في الفريق الانتقالي لترامب. وما يفعله الشاب كوشنير، ومعه بقية عائلة ترامب، يذكّرنا بالمسلسل الأميركي الشهير “هاوس أوف كاردس”. ولن نفاجأ أيضا إذا علمنا أنه قد يلعب دوراً في إعادة هيكلة الحزب الجمهوري الذي يعاني الانقسام والتفسخ، بعد فوز ترامب، لكي يتجه به يميناً.

يكشف انخراط عائلة ترامب في إدارة عملية الانتقال، واختيار مسؤولي الإدارة الأميركية الجديدة، مدى التغير الذي تمر به السياسة في أميركا، والتي لم تعد تُدار بالطرق التقليدية. ويبدو أن الأميركيين سوف يكون لديهم، للمرة الأولي في تاريخهم، عائلةً حاكمةً تدير شؤون الدولة من خلف الستار، كما لو كانت إحدى جمهوريات الموز، وليست واحدةً من أعرق الديمقراطيات الراسخة في العصر الحديث.

المصدر : العربي الجديد 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى