مقالات

شادي عبد الله – أسئلة تنتظر رفع الحجاب

في مقابلة مترفة على قناة الجزيرة ظهر الدكتور رياض حجاب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات ورئيس وزراء بشار الأسد عام 2012 بعد سنة وثلاثة أشهر على اندلاع الثورة السورية والمنشق بعد ترؤسه لها بشهرين.

وقد أتت المقابلة في سياق لافت إذ كانت الحلقة الثالثة من برنامج جديد بدأ بشخصية هامة كالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وثنَّاها برمز نهضة ماليزيا مهاتير محمد، وكأنه ثمة ما دعا لظهور الدكتور رياض بهذا الزخم.

وقد أتى ما قاله مثيراً للاستغراب أكثر مما عزِّز صورته، وطرح من الأسئلة أكثر مما قدم من الأجوبة، أسئلة يصعب المضي دون استشفاف الأجوبة عليها نظراً لتعقد المشهد السوري في الأشهر الأخيرة أضعاف ما كان عليه سابقاً وظهور محاولات التمييع السياسي هنا وهناك.

شدد الدكتور حجاب على عدة نقاط جوهرية ولافتة، وتحتاج لوقفة تأمل وتحليل ونحن على أعتاب السنة السابعة للثورة والرجل على رأس الهيئة العليا للمفاوضات والتي يديرها بالمركزية التي يدير بها النظام شؤون سورية.

النقطة الأولى هي تأكيده على أنه ابن النظام بما بدا أنه منسجم مع سياقه وتاريخ صعوده وركنيته في النظام دون انقطاع منذ أن كان مسؤولاً في اتحاد الطلبة، ومديحه المبطن للأسد الأب، رغم تأكيده على أن بطانة بشار هي من شجعه ليتبع سياسة أبيه في البطش والتدمير، ما يعني أنهما في القتل سواء فكيف يمكن ذلك وفي أي سياق ينبغي أن يوضع.

والنقطة الثانية: حرصه على التوضيح بأنه قد اتخذ موقفه بالانشقاق (وهو رئيس حكومة الحرب التي أعلنها بشار الأسد) بعد تصاعد القتل …!! رغم أن عدد شهداء الثورة السورية قد بلغ 1438 شهيداً وشهيدة (دون احتساب من قضوا في السجون والمعتقلات) بنهاية شهرأيار 2012 قبيل استلامه رئاسة الحكومة في 6 \6\ 2012، فهل هذا يعني أن وتيرة القتل وأعداد الشهداء قبيل ذلك وتيرة مقبولة، وأن المرفوض هو تصاعدها..؟؟

وهل هذا يعني أنه ممن يرى أن طريق الأهداف السياسية لابأس من تعبيده بجثث الضحايا والأبرياء طالما بقي ضمن حد معين؟

وكيف لنا أن نفهم اشتداد القتل والتدمير بعد انطلاق المفاوضات الأخيرة -التي أُوقفت- ليصبح قصف النظام السابق مجرد مزحة بالمقارنة مع القصف والتوحش الحاليين؟

والنقطة الثالثة وهي الأهم: تأكيده على أن الثورة كانت بمطالب إصلاحية، وأن بشار كان بصدد التعاطي الإيجابي معها، وأنه قد قرر تحجيم الأجهزة الأمنية إلا أنها تمردت وزادت من وتيرة تنكيلها، ولابد هنا من التذكير ببعض الحقائق..

هل كان جميل حسن أو علي مملوك من خطب في مجلس الشعب ليسدل الستار على الآمال التي بثها ظهور بثينة شعبان الممهد لذلك الخطاب؟

هل كان محمد ناصيف أو آصف شوكت، أو ديب زيتون أو حافظ مخلوف أو رستم غزالي من ترأس اجتماع الحكومة الأول ليعلن عبر التلفزيون الرسمي أنها حكومة حرب؟

هل يعفي بشار الأسد من المسؤولية أنه رضخ لمشيئة أمه وخاله وسار على نهج أبيه الاستئصالي؟ وهل يريد الدكتور رياض حجاب أن يعفي بشار الأسد من المسؤولية أم يريد أن يشرك خاله فيها؟

هل يريد أن يمحو من الأذهان الفرق بين تعامل الأجهزة الأمنية مع الشعب قبل الثورة وبعدها؟

وهل يريد أن يمحو من الأذهان أن تغطية بشار الأسد على التجاوز الذي قام به عاطف نجيب؟ وأن العنف الممنهج الذي مورس لإخضاع من رفض تمرير تجاوزات عاطف نجيب هو السبب في تصاعد الثورة؟

هل يريدنا أن ننسى هتافات الشعب يريد اسقاط النظام التي سمعها وهو محافظ اللاذقية؟ هل يريدنا أن ننسى هتافات يلا ارحل يا بشار؟

حسناً ولم تريد ذلك الآن وأنت في موقعك الحالي؟ هل تريد التمهيد لانعطافة ما؟

هل تريد تمرير بعض (الاصلاحات) وكفى الله السوريين شر القتال؟

هل تريد أن يُعاد تجميل بشار الأسد الإصلاحي ؟ وأن يُصب جام الغضب على بعض الضباط وقادة الأجهزة الأمنية؟ وهل (الحل السياسي) بجعلهم كبش الفداء وقرباناً لظهور حكومة وحدة وطنية؟

هل ثمة تحول نحو إعادة إنتاج رأس النظام بقيادة رئيس وزراءه المنشق؟

هل نحن على أعتاب تسوية سياسية يقود لوائها منشقوا بشار ليعيدوا الشعب والثورة إلى بيت الطاعة الأسدي؟

أسئلة يفرضها وجود الدكتور رياض على رأس الهيئة العليا للمفاوضات، وتفرض المزيد من الشفافية على عمل الهيئة؟ والوضوح القاطع من رئيسها وأعضائها؟

فثورة بحجم هذه التضحيات لايمكن لها أن تنام على حرير الكلام المعسول وترتاح لإسدال الحجاب…

وطن اف ام 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى