بدأ الليلة الماضية وقف إطلاق نار عام في سوريا تحت رعاية روسية تركية.
لم تستطع قرارات وقف إطلاق النار السابقة أن تفصل الصراع عن كونه صراع متفجر باستمرار ولكن هذه المرة مختلفة.
تحاول تركيا وروسيا فتح الباب أمام حقبة جديدة بين النظام والمعارضة حيث تم التوقيع على وثيقة تحوي ثلاث بنود بين المعارضة والنظام “وقف إطلاق النار والسيطرة على وقف إطلاق النار وبدء عملية السلام” وشمل الاتفاق حوالي 60 ألف لا تشمل داعش والنصرة.
وتركيا سوف تستمر بضرب حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية وسوف يتم مراقبة وقف إطلاق النار من قبل روسيا وتركيا بما أنهما الضامن للاتفاق وسيتم تشكيل خط أحمر وسيتم إحضار المعارضة والنظام إلى مؤتمر أستانة من اجل إعادة إحياء محادثات جنيف من جديد.
وتعد “محادثات أستانة” إنجاز ملموس للرئيس أردوغان والرئيس بوتن في تطبيع العلاقات الثنائية حيث كانت أول ثمار جهود انقرة هي إجلاء المدنيين من مدينة حلب من بعد المحادثات التي أجريت بين المعارضة وروسيا.
إن الوضع الآن في سوريا “هش” ولكن هناك عملية واعدة قد بدأت وإرادة كل من بوتين وأردوغان إن يتم نجاح عملية وقف إطلاق النار وتحويلها إلى عملية سياسية لكي يتم توفير الاستقرار وكون المجموعات المسلحة الموجودة في الساحة داخل الاتفاق امر مهم جداً وحيث ولدت الان فرصة من اجل دمج القوات المسلحة مع التمثيل السياسي من اجل تكوين المعارضة.
كما يجب أن يضاف إلى إنجازات أنقرة الديبلوماسية عدم الفصل بين بعض قوات المعارضة على أنهم إرهابيين والتعامل مع حكومة الأسد على أنها نظام مؤهل أما بالنسبة للنقطة الأهم هو أن يكون وقف إطلاق النار عاماً وبهذا الشكل سوف تكون قوات المعارضة الموجودة في ادلب والغوطة الشرقية في مأمن ومحمية.
ومما لا شك فيه أنه يجب على روسيا وإيران ونظام الأسد أن يكونوا صادقين بما تعهدوا به لكي يستطيع الاتفاق الاستمرار أما بالنسبة إلى أنقرة فيجب عليها توحيد فصائل المعارضة تحت ظل قوات الجيش السوري الحر.
ومن المعلوم أن الأمرين ليسا بالسهلين ويجب القضاء على الجماعات الإرهابية الأجنبية التي تقودها إيران وتقاتل بجانب نظام الأسد ويجب على مقاتلي المعارضة أن ينسحبوا من تنظيم النصرة من أجل التقليل من مقاتليها فعلى سبيل المثال يجب أن يبقى تنظيم أحرار الشام ضمن الهيكلة الأساسية للجيش السوري الحر.
على الرغم من التركيز في العواصم الغربية على عملية المصالحة التي ترعاها الأمم المتحدة ضمن محادثات جنيف وبالأخص الدور التي تلعبه الولايات المتحدة من أجل مستقبل وحدات حماية الشعب الكردية سيكون من أهم القضايا التي ستخلق توتر في محادثات الأستانة وإذا فتحت الولايات المتحدة التي لم تتلقى دعوة لحضور الاجتماع المجال لمناقشة مستقبل الأسد من الممكن أن يجعل من المملكة العربية السعودية وقطر وبعض فصائل المعارضة تقوم ببعض التلاعب المحدود.
يعد تنظيم ” بي بي كي” أكثر ورقة رابحة على الأرض حيث أنه في الأسبوع الأخير أحضر التنظيم الكردي شحنات أسلحة تحضيراً للاتفاق التركي الروسي الذي من شأنه خلق وضع جديد للشمال السوري واستخدام التنظيم لكلمة “الشمال السوري” عوضاً عن “إقليم روجافا” يصور على اه جهد بلاغي يعمل عليه.
يجب على الأمريكان إعادة النظر بالقرارات المتخذة من قبل الإدارة الموجودة ضمن فترة انتقالية إلى أن يتسلم الرئيس الجديد السلطة فمع إرسال أوباما شحنات الأسلحة لتنظيم “يي بي كي” من أجل عدم تحقيق تركيا انتصاراً عليهم يزيد من صعوبة فتح صفحة جديدة مع إدارة ترامب.
ويجب أن يشكل قول الرئيس أردوغان “نحن نشعر بالوحدة داخل حلف الشمال الأطلسي” وجود أولوية لدى ترامب من أجل التمرد فمع إرسال الولايات المتحدة شحنات الأسلحة إلى تنظيم “يي بي كي” وتركها تركيا تقاتل وحدها في مدينة الباب يجعل استخدام كلمة “حليف” صعب جداً.
مع هذا الاتفاق سوف يبرز مفهوم محاربة الإرهاب أكثر داخل الحرب السورية وسوف يستغرق قتال تنظيم داعش من قبل الجهات الفاعلة وقتا طويلاً قبلا انتهائه أما بالنسبة لقتال تنظيم النصرة فهو حرج جداً وإلى أي مدى سوف يتطور.
ويجب إضافة الولايات المتحدة والسعودية وقطر إلى محادثات الأستانة من أجل تضمين انضمامهم إلى عملية سلام كاملة في سوريا.
المصدر : صباح التركية : ترجمة وتحرير وطن اف ام