مقالات

عبد الله العلمي – هل استوعبت طهران الدرس؟

تسلل في جنح الظلام إلى مكتب القنصل الإيراني ومرجعيات إيرانية خبيثة من كنا نعتقد أنه “مواطن” سعودي صالح ليعرض عليهم “خدماته” طالبا منهم دعمه ضدّ وطنه وأبناء وطنه. بدأ بتنفيذ الخطوة الثانية بإرساله عبر مواقع التواصل الاجتماعي عددا من البيانات التحريضية عن مكان وتاريخ الخروج على الدولة، بهدف إثارة الفتنة وزعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية في بلده الذي احتضنه.

كان هذا ملخص قضية خيانة فاحت رائحتها في دهاليز القضاء الأسبوع الماضي. تورّط من باع شرفه وضميره بالتواصل والتواطؤ مع ملالي إيران، كما تمّت إدانته بإعداد وتخزين وإرسال ما من شأنه المساس بالنظام العام وإنشاء قناة فضائية باسم “أمّة واحدة” تهدف إلى العمل ضدّ المملكة.

إيران المارقة تدوس على الأخضر واليابس لتحقيق “طموحاتها” البائسة. في أحد الأحياء الخلفية بالعاصمة الفرنسية باريس، يقيم عدد من الطيارين والفنيين من شركة الخطوط الجوية الإيرانية “هما”. هدفهم معروف وهو تنفيذ إجراءات استلام 200 طائرة نقل جديدة. يرفع فرهاد برورش، المدير التنفيذي للشركة سماعة الهاتف كل صباح ليطمئن على أن “الخبراء” الإيرانيين يتلقون دورات التدريب على أجهزة وآليات وأنظمة وصيانة الطائرات، استعدادا لنقلها إلى إيران. أما الشركة المنفذة للعقد “إيرباص”، فجلّ همّها هو قبض الثمن على داير مليم.

التقرير السري الصادر عن الأمم المتحدة في آخر يوم من عام 2016، والذي كُشف عنه في بداية هذا الأسبوع، أكد أن الأمين العام السابق بان كي مون أبلغ مجلس الأمن قلقه من احتمال أن تكون إيران قد خرقت حظرا على السلاح بتزويدها حزب الله اللبناني بصواريخ وأسلحة محرمة دوليا. من تابع صراخ حسن نصرالله في كلمته التلفزيونية في 24 يونيو 2016، لا بدّ وأنه سمع حاكم طهران بالضاحية الجنوبية في بيروت يؤكد أن “ميزانية حزب الله ورواتبه ومصاريفه وأسلحته وصواريخه تأتي كلها من الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.

طهران ضربت بعرض الحائط العقوبات التي فرضتها عليها الأمم المتحدة للحدّ من البرنامج النووي. طهران تسعى بكل ما تملك من “علاقات” وعملات أجنبية إلى إزالة الحظر على السلاح والقيود الأخرى.

في هذه الأثناء، وتزامنا مع التلاعب بقرارات الأمم المتحدة، يتنافس حزبان متشددان في حرب الانتخابات بإيران لنيل ثقة خامنئي، وكل منهما أكثر عنفا من الآخر. الحزبان هما “المؤتلفة الإسلامي” بقيادة مصطفى ميرسليم، الذي يسعى إلى تكريس المذهبية وتصديرها، والحزب الثاني هو “جبهة الصمود” بقيادة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الذي خطط لأكثر العمليات الإرهابية شراسة في منطقة الخليج العربي خلال الأعوام القليلة الماضية.

الرسائل المبطنة التي ترسلها طهران في العلن وعبر وسطائها في المنطقة تدعو إلى إعادة الحوار مع السعودية. إلا أن الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز قطع الشك باليقين في حوار أجرته معه مجلة “فورين أفيرز” الأميركية. الأمير أكد أن المملكة “لا تفكّر في التفاوض مع إيران في ظل تمسّك نظام الملالي بأيديولوجيته الإقصائية، والانخراط في الإرهاب، وانتهاك سيادة الدول الأخرى”.

آمل أن تكون طهران قد استوعبت الدرس.

المصدر : العرب 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى