مقالات

صالح يلماز – مباحثات الأستانا والدستور الروسي للسوريين (مترجم)

يمكننا القول عن اجتماعات الأستانا الذي لعبت روسيا وتركيا وإيران دور الضامن فيها انها كانت ذات نتيجة إيجابية ويمكننا تلخيص هذه النتائج على الشكل التالي:

التعهد بالحفاظ على ما اكد عليه مجلس الامن ان الجمهورية العربية السورية دولة متعددة الاديان والاعراق وغير طائفية والتأكيد على ديمقراطيتها واستقلالها ووحدة أراضيها.

عدم وجود حل عسكري في سوريا والتأكيد على تنفيذ قرار مجلس الامن الدولي رقم 2254 الذي ينص على ان الوضع في سوريا يجب ان يحل على أساس عملية سياسية وان جميع الأطراف وافقت على هذا الحل.

تشكيل آلية ثلاثية لمراقبة وقف اطلاق النار وتوفير شروط استمرارية وقف اطلاق النار ولتحديد شروط الإدارة والتحكم بوقف اطلاق النار.

يجب على فصائل المعارضة الانفصال عن تنظيم داعش وجبهة النصرة وعدم الاشتراك معهم في المعارك العسكرية.

الإعلان عن دعم قرار فصائل المعارضة ورغبتها بالمشاركة بمحادثات جنيف التي ستحصل تحت رعاية الأمم المتحدة بين المعارضة والنظام في تاريخ 8 شباط 2017.

 المجلس الوطني الكردي أم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي؟

تم التأكيد في الأستانا على قرار مجلس الامن رقم 2254 والقرار رقم 2254 اتخذ بالإجماع في 18 ديسمبر من عام 2015 لضمان وقف إطلاق نار فوري في سوريا ويدعو لبذل الجهد من أجل التوصل إلى حل سياسي في البلاد. وبالإضافة الى ذلك فإن القرار نص على وقف فوري للهجمات على الأهداف المدنية والدعوة الى بدء لقاءات رسمية في يناير 2016 من اجل وقف إطلاق النار وتوصيف تنظيم داعش وجبهة النصرة على انهم تنظيمات إرهابية واستثنائهم من وقف إطلاق النار ومن اللقاءات الرسمية.
 وقرر مواصلة عمليات الهجوم والدفاع ضد هذين التنظيمين وذكر ان مراقبة وقف اطلاق النار ستتم عن طريق بعثة من الأمم المتحدة.

ومع التقدم الكبير الذي أحرزته محادثات الأستانا وتأكيدها على قرار مجلس الامن وزعت روسيا دستور جديد كانت قد أعدته على جميع الأطراف حتى انها دعت اطراف المعارضة بما فيهم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الى عقد اجتماع في 27 كانون الثاني لمناقشة الدستور الجديد ودعت الى هذا الاجتماع كل من المجلس الوطني الكردي الذي كان ممثلاً عن اكراد سوريا في محادثات الأستانا ودعت حزب الاتحاد الديمقراطي الذي لم يدعى الى محادثات الأستانا وبعدها أعلن المجلس الوطني الكردي عن عدم مشاركته في اجتماع موسكو وكانت روسيا قد أعطت حزب الاتحاد الديمقراطي نسخة عن الدستور الجديد محاولةً الاستمرار بجعل الحزب مرتبطاً بها.

أطراف الدستور الجديد

أعلن الروس في الدستور الجديد عن رفضهم للاستقلالية المزمعة في الشمال السوري ولكنهم أعلنوا في الدستور عن الاستقلالية الثقافية وعدم التطرق للتركمان والمجموعات العرقية الأخرى. في الدستور كشف عن أن روسيا لم تستشر تركيا أو إيران عندما كانت تعده.

أعلنت المعارضة عن عدم قبولها للدستور الجديد وكشف ان هذا الدستور قد قوبل بمناخ سلبي لدى كل من نظام الأسد وايران وتشير هذه المواقف السلبية الى عدم الوصول الى حل سياسي في محادثات جنيف التي ستعقد في 8 شباط وعن رفض جميع اطراف الصراع للدستور الجديد.

ولإيجاد شروط لفرض حل سياسي تم تأجيل موعد محادثات جنيف الى نهاية شهر شباط ولربما سيكون تركيز تركيا على وجود ضمانات للتركمان في دستور سوريا الجديد قد يحدث في المستقبل خلافات مهمة، وبالإضافة الى ذلك سيكون من المطلوب الإعلان رسمياً عن انشاء إدارة وجيش للتركمان.

وبالتوازي مع اخذ روسيا مقترحات من اجل الدستور الجديد كان الرئيس الأميركي الجديد قد دعم وجهة نظره في سوريا عن طريق اخذ قرارات كإنشاء مناطق امنة في سوريا ونظام تأشيرات الدخول الجديد.

وفي الواقع من الممكن اعتبار استراتيجية ترامب تعزيز وتقوية للمعارضة ورسالة الى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وبحسب خطة ترامب قد تم وضع انشاء منطقة امنة على الحدود مع تركيا والأردن ضمن جدول الاعمال ولكن تركيا كانت قد أنشأت منطقة امنة عن طريق عملية درع الفرات ويتم النقاش الان حول كيفية العمل مع خطة ترامب حول هذا الموضوع.

فمع الدعم الذي تعطيه تركيا لتنظيف منطقة الباب من تنظيم داعش وسيطرة الجيش السوري الحر على منطقة منبج سيستطيع ترامب انشاء منطقة امنة في هذه المساحة وتحت هذه الشروط ستكون الولايات المتحدة مضطرة الى الاختيار بين تركيا او حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ولهذا فإن احد اهم أسباب تحركات حزب “بي يي دي” الكردي ضمن السياسة الروسية هو خطة الولايات المتحدة هذه.

تحركات ترامب

بعد اجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية وعند النظر الى الخطة التي يتم وضعها من اجل سوريا بما فيها استراتيجية ترامب في انشاء مناطق امنة في سوريا والدستور السوري الجديد الذي أعدته روسيا يتم اختصار الدور الإيراني فعلى الرغم من كل الجهود التي بذلتها ايران من اجل حماية نظام الأسد تبدو وكأنها مكبلة في هذه العملية وكان الهدف من ادخال ايران ضمن الالية الثلاثية التي وضعت في محادثات الأستانا فقط من اجل ضمان عدم خرق حزب الله والميليشيات التابعة لإيران لوقف إطلاق النار وكان تسليط الضوء على وحدة الأراضي السورية  في محادثات الأستانا من قبل تركيا وروسيا وايران معناه القاء جميع المشاريع التي اعدت في زمن إدارة أوباما في القمامة وكانت استجابة ترامب السريعة لمحادثات الأستانا تعني مستوى جديد من شأنه تغيير التوازنات الموجودة

فبعد الدور الفعال الذي لعبته روسيا وتركيا في الأستانا فهم ترامب نية انشاء تحالف جديد ضد داعش وجبهة النصرة لا يوجد مكان للولايات المتحدة فيه وان تركيا ليس لديها نية بكبح جماح روسيا عن ذلك حيث اعطى ترامب وفقا لذلك أولى تعليماته.

وبعد ان استطاعت روسيا اقناع جميع الأطراف بالتركيز على الحل السياسي من اجل إحلال السلام في سوريا عوضاً عن الحل العسكري أرادت إتمام حملتها عن طريق الدستور الجديد ولكن من الواضح انه غير مقبول لدى كل من ايران ونظام الأسد والمعارضة والولايات المتحدة حتى انه من غير المتوقع ان يتم قبول الدستور الجديد على نحوه هذا من قبل الأسد حتى ويبدو ان صمت الولايات المتحدة تجاه مسودة الدستور الجديد من الممكن ان يكون معناه رفضها له.

خطة الولايات المتحدة الجديدة حول عدم منح تأشيرات سفر للدول السبعة وعدم قبول لاجئين منها تحوي على رسالة ضد هذه الدول وتهدف هذه الخطة ايضاً الى جعل اللاجئين يتوجهون نحو دول الاتحاد الأوروبي.

أدى عدم تطبيق سياسات الولايات المتحدة وروسيا الاستراتيجية في زمن إدارة أوباما وبالأخص في سوريا الى فشل دول الاتحاد الأوروبي مما جعلها تواجه خطر التفكك في الوقت الحالي ومن المتوقع ان يتم تغيير التوازن في المنطقة من بعد ظهور نتائج الانتخابات في كل من المانيا وفرنسا في العام الحالي.

ولذلك فان تركيز ترامب في سياسته على سوريا والعراق من شأنه ان يجعل الاتحاد الأوروبي يخرج من هذه العملية بأقل الخسائر ومن دون ان يبقى تأثير لروسيا عليه.

المصدر : صحيفة ستار التركية / ترجمة وتحرير وطن اف ام 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى