مقالات

أونال تشيفيكوز – ماذا بعد ضربة ترامب.. إلى أين تسير سوريا؟! (مترجم)

ضرب الولايات المتحدة للمطار في سوريا هو تطور يجب تقييم تداعياته ونتائجه بعناية فمن الممكن أن يكون انتظار تغيير مسار أولويات الحرب في سوريا نتيجة هذا التصرف هو أمر مضلل ومع هذا فمن الممكن أن تزداد التطورات تعقيداً في سوريا خلال الفترة القادمة.

لماذا ضربت الولايات المتحدة سوريا؟ ولهذا السؤال رد واحد وهو نشر تقارير تؤكد أن النظام السوري استعمل السلاح الكيميائي في مدينة ادلب جعل من الولايات المتحدة تبدي ردة الفعل هذه.

وكانت إدارة أوباما قد واجهت من قبل وضعاً مماثلاً لذلك ولكنها لم تبدي ردة الفعل نفسها وكشفت ردة فعل ترامب وجهة نظر مختلفة للتعامل مع بعض القضايا لدى الإدارة الجديدة للولايات المتحدة.

وقبل كل شيء إن ترامب مصمم على وضع “الخطوط الحمر” للولايات المتحدة بتحديد السياسات في حالة النزاع وأظهرت الولايات المتحدة بسرعة كيفية كونها صاحبة الأداء القوي في الساحة الدولية مرة أخرى واستخدام السلاح الكيميائي هو أحد الخطوط الحمر لدى الولايات المتحدة.

وترامب الذي كسب التأييد الشعبي لهذا السلوك الذي اتبعه مؤكداً على كونه رئيس يشارك في مجال السياسة الخارجية مع التأييد المحلي.

ومنذ وصول ترامب إلى السلطة على الأقل تم مناقشة ضرب سوريا في نهاية المئة يوم الأولى وكانت من ضمن قرارات ترامب.

ومن حيث السياسة الخارجية فقد تم إيصال الرسالة إلى أكثر من دولة فقبل كل شيء أعلن وبشكل واضح أنه لن يتم التسامح مع استخدام النظام للسلاح الكيميائي وعلاوة على ذلك سيتم استخدام قوة أكبر من ذلك في حال حدوث سلوك مماثل.

أما ثانياً فقد أدى طرح وجهة نظر أوباما ذات نهج القوة الخفيفة إلى تحقيق روسيا لبعض المكاسب في الساحة الدولية وكانت الرسالة الثانية أنه عندما تتطلب الظروف فإن الولايات المتحدة بإمكانها توجيه ضربة قوية لنظام بشار الأسد والذي هو ذراع لروسيا وعلاوة على ذلك كانت في زمن بدأ به نشر الإشاعات في السياسة الداخلية عن العلاقات الوثيقة وبشكل غير اعتيادي بين الولايات المتحدة وروسيا وإجبار إدارة ترامب عليها.

أما الرسالة الثالثة فكانت لإيران وينظر إليها من قبل السعودية وإسرائيل بحفاوة بالغة فعند التذكير بنهج ترامب ضد الاتفاق النووي الإيراني وتشكيكه به واستمرار هذا النهج يبشر بالأمل لتوقعات إسرائيل والسعودية ضد إيران وحتى من الممكن أن يستمر ليصل لتحقيق انقلاب في سوريا.

وعلى الرغم من كل ذلك يجب على الذين ينتظرون تغيير جوهري في الولايات المتحدة تجاه الملف السوري وتغيير أولويات ترامب على نحو مبين أن لا ينسوا أن الولايات المتحدة لم تزل بحرب ضد تنظيم داعش.

إذا اقتضت الظروف فقد تنبه الولايات المتحدة نظام الأسد عن طريق هجمات جوية من هذا النوع ولكن أن تقوم الولايات المتحدة بجعل استهداف النظام عوضاً عن التنظيم أولوية لديها فقد يكون ذلك أمر مضلل في هذه المرحلة.

فمن دون انتهاء العمليات التي تخوضها الولايات المتحدة في العراق وسوريا ضد تنظيم داعش من غير المتوقع حدوث تغيير من هذا النوع.

ولننظر إلى الموضوع من وجهة نظر روسيا ونظام الأسد فالنظام الذي استطاع أن يحدث قوة على الساحة مع الضعف الواضح لدى قوات المعارضة يحضر الآن إلى الانتقال إلى ادلب وقبل هذا الهجوم يبدأ النظام بشن ضربات جوية إرهابية عن طريق الأسلحة الكيميائية إذا ما استخدمت وهذه الضربات الجوية الإرهابية فعالة جداً في خلق الترهيب النفسي وإذا ما كان نظام الأسد يتحرك على أساس أنه لن يتم توجيه ضربة له كما كان في زمن إدارة ترامب فهو الآن قد فهم أنه أمام مواجهة إدارة أميركية جديدة.

أما عن روسيا فمهما كانت قد بلغت الولايات المتحدة روسيا عن نيتها قصف مطار الشعيرات قبل تنفيذها للضربة فإن تصرف الولايات المتحدة من شأنه أن يفسد التوازن الحادث في الساحة ومن شأنه أن يضعف الحرب المشتركة بين الولايات المتحدة وروسيا ضد تنظيم داعش ومع هذا فإن المشكلة الأساسية لروسيا أنها قد فهمت أنها لن تكون مرتاحة في سوريا كما كانت في زمن إدارة أوباما.

قامت روسيا بتوقيف العمل بالاتفاقية المهمة الموقعة بينها وبين الولايات المتحدة عن السلامة الجوية من أجل العمل في الأجواء السورية وهذا الوضع قد يؤدي إلى وقوع حادث غير متوقع في أي لحظة والتصعيد الغير المبرر ولذلك فإن الخطر كبير.

وغدا سوف يزور وزير الخارجية الأميركية تيليرسون موسكو وإذا ما تم النظر في إزالة مقابلته لبوتين من برنامج عمله في موسكو وقد كانت من قبل موجودة نستطيع أن نرى مدى استياء روسيا من تصرف الولايات المتحدة ويبدو أنها لن تنسى بسهولة.

كان ضرب الولايات المتحدة لسوريا من شأنه أن يعيد العلاقات قوية بين الشراكة الروسية الإيرانية بعد أن كانت قد ضعفت في الفترة الأخيرة لأسباب عديدة فقد أعطت الولايات المتحدة الآن فرصة جديدة لإعادة تعزيز التحالف بين روسيا وإيران وحزب الله اللبناني وهذا من شأنه أن يزيد في صعوبة عمل المعارضة السورية فمن الممكن أن نرى في الفترة المقبلة مشاهد في ادلب تذكرنا بالمأساة الإنسانية التي عاشتها حلب وإذا ما حدث هكذا تطور على الساحة فنحن بأشد الفضول لنعلم طريقة تعامل الولايات المتحدة معها.

المصدر : صحيفة حريات التركية ؛ ترجمة وتحرير وطن اف ام 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى