يشكل يوم 4 أبريل، الذكرى الـ 49 لاغتيال مارتن لوثر كينغ، حيث انضم الألوف إلى حركتي «كفاح» و«بلاك لايفز ماتر»، في مسيرة انطلقت في ممفيس ومدن أخرى في أنحاء البلاد، من أجل الحصول على أجر لائق وعدالة عرقية.
تشكل تلك التظاهرات أكثر من مجرد تكريم مناسب لذكرى الدكتور كينغ، بل إنها تحمل جدول أعماله الذي لم يكتمل.
كان كينغ يرى في حركة الحقوق المدنية، سيمفونية مؤلفة من حركات عدة: أولا، جاء النصر الذي أنهى الفصل العنصري في أمريكا، ثم جاء الفوز بضمان حق التصويت، وفي الأيام الأخيرة لمارتن لوثر كينغ، كان يعمل بحماس شديد من أجل الحركة الثالثة، وهي حركة العدالة الاقتصادية، وتنظيم حملة «الفقراء»، التي تجمع الناس من مختلف الخطوط العرقية والدينية والمناطقية للمطالبة بالعدالة الاجتماعية. وقد فهم كينغ أنه ينبغي، من أجل جعل أمريكا أفضل، مواجهة ما دعاه «الثلاثيات العملاقة للعنصرية والمادية المفرطة والعسكرة».
وفي خضم ذلك، جاء كينغ إلى ممفيس، وقد استدعته شجاعة وتضحية عمال النظافة السود الذين أضربوا من أجل الأجر اللائق والأمان الوظيفي والاحترام والحصول على نقابة، واحتجوا على التمييز العنصري الذي كانوا يواجهونه في وظائفهم، وغياب الأجور وظروف العمل اللائقة، وطالبوا بنقابة لكي يتمكنوا من الوقوف معا والتفاوض بشكل جماعي.
وقد رد كينغ على دعوتهم، لأنه كان يدعو في خطابه الأخير إلى الحاجة إلى تطوير «عدم أنانية» محفوفة بالخطر.
قال السؤال ليس «ما سيحصل لي إذا توقفت عن مساعدة هذا الرجل المحتاج؟»، بل السؤال هو «إذا لم أقف لمساعدة عمال النظافة، ماذا سيحصل لهم؟».
الآن بعد مرور 49 عاما على وفاته، فإن الناس مهتاجون مرة أخرى، وقد بدأ القتال من أجل أجر 15 دولارا في الساعة منذ خمس سنوات، عندما أضرب عمال الوجبات السريعة في مدينة نيويورك للمطالبة بحد أدنى للأجر، هو 15 دولارا بالساعة وبنقابة.
تم رفض مطالبهم، باعتبارها «غير واقعية»، حتى من قبل الديمقراطيين، لكن الحركة انتشرت في أنحاء البلاد، والآن، فإن أكثر من 22 مليون أمريكي استفادوا من الزيادة في الحد الأدنى للأجور، وما يصل إلى 10 ملايين هم على طريق الحصول على 15 دولارا في الساعة، فيما تعمل قوانين المدن على زيادة الأجور.
يذكر أن حد أدنى للأجر بـ 15 دولارا في الساعة، مكتوب في برنامج الحزب الديمقراطي، ومصاغ في القوانين في أكثر من مدينة في أنحاء البلاد.
وقد برزت حركة «بلاك لايفز ماتر» من الاحتجاجات ضد نظامنا القضائي، حيث يعاني السود من الحبس الجماعي، وفي كثير من الأحيان من العنف على يد أولئك الذين من المفترض أن يقوموا بحمايتهم، وفي تظاهرات سلمية مذهلة في جميع أنحاء البلاد، فإن الحركة دفعت بقضية إصلاح الشرطة وممارسات الحكم التمييزية.
في خطابه الأخير في ممفيس، أشار الدكتور كينغ، إلى أنه كان سعيدا بأن الله، عز وجل، سمح له أن يعيش في النصف الثاني من القرن العشرين، وقال للحشود المتجمعة: «هذا تصريح غريب أدلي به، لأن العالم في فوضى، وهناك متاعب على الأرض، وإرباك في كل مكان من حولنا، لكنني أعلم، بطريقة ما، أنه فقط عندما تكون هناك ظلمة بما يكفي، يمكنك رؤية النجوم».
وكان كينغ متحمسا لأن الناس كانت تتحرك، وقد بدأت ثورة في القيم الإنسانية، وقد أدرك أن الطريق سيكون طويلا وشاقا، وأنه سيواجه انتكاسات وانعطافات معاكسة، لكنه اعتقد بأنه «لو حصلنا على الخيار الصحيح، فإننا سنكون قادرين على تسريع ذلك اليوم في كل أنحاء أمريكا.. عندها ستنتشر العدالة مثل المياه، والاستقامة مثل تيار عظيم».
اليوم، هذه دولة مضطربة، وقد وصلت أوضاع عدم المساواة إلى مستويات فاحشة، ولا تزال العدالة الاقتصادية دون حل، فيما العرقية لا تزال جاثمة على الأرواح وتقضي على الآمال.
لكن اليوم يتخذ ألوف الأشخاص «الخيار الصحيح»، وهم في حركة يضحون من أجل جعل أمريكا دولة أفضل، ومن المؤكد أن مارتن لوثر كينغ سيكون مسرورا بهم لو كان حيا.
المصدر :البيان