ثمة حديث عن أن غرفة العمليات المشتركة «الموك» هي باتجاه التمهيد لمفاوضات مع موسكو من أجل عقد تفاهم مشترك يتم بموجبه انسحاب الميليشيات الشيعية من البادية السورية مقابل انسحاب فصائل «الجيش السوري الحر» الأربعة العاملة في البادية، إمّا باتجاه التنف أو الأراضي الأردنية. وقد وردت أنباء بأن فصيلين من الفصائل الأربعة، وهما قوات «الشهيد أحمد العبدو» و «جيش أسود الشرقية» وافقا على الانسحاب من البادية باتجاه الأردن. هذه الدينامية، إنْ تمّتْ، تتلاقى مع اتجاهات ثلاثة:
أولها، مساعٍ لإخلاء قاطني مخيم الحدلات المحاذي للحدود الأردنية (وفيه 5 آلاف لاجئ سوري) باتجاه مخيم الركبان، شمال شرق تلك الحدود، على بعد 80 كلم.
ثانيها، الرغبة الأردنية بتحقيق وقف لإطلاق النار في مناطق البادية السورية، وتوسيع دائرة مناطق خفض التصعيد في الجنوب السوري لتشمل مزيداً من المناطق هناك، وعلى الأخص في مخيم الحدلات؛ حتى لا يؤدي أي تصعيد في هذه المنطقة إلى احتمالات استقبال الأردن موجة لجوء جديدة.
ثالثها، مساعٍ لتثبيت مطلب أردني من موسكو بإبعاد الميليشيات الشيعية في الجنوب السوري مسافة لا تقل عن 50 كلم في العمق السوري بعيداً من الحدود الأردنية.
وعلى الأغلب، فإن الأردن يحاول اجتراح صيغة عملية ما للخروج من مأزق ما عبّر عنه السفير الأميركي السابق في سورية، روبرت فورد، بحديثه عن أنه «ليس من شأن روسيا أن تخاطر بمواجهة إيران (في سورية) لمجرد أن واشنطن وتل أبيب تقدمتا بطلب ذلك من دون عرض أي تعويضات مغرية».
ما يحكم الموقف الأردني حيال سورية اعتبارات عدّة في مقدمها أنّ الجيش السوري النظامي، بدعم روسي- إيراني استطاع التمدد في مناطق البادية السورية، ووصل إلى مخيم الحدلات، وبالتالي فإن إخلاء المخيم صار مستحقاً، أما بالنسبة لإزالة مخيم الركبان فقد أكدت مصادر رسمية أردنية أنه «ليس قراراً أردنياً، تماماً كما كان قرار إنشائه».
معنى هذا أن الأردن يؤيد تمدد الجيش النظامي السوري إلى الحدلات، وفي عموم الجنوب السوري وصولاً لاستتباب الوضع على الحدود الشمالية للمملكة، بما يؤدي إلى تفاهمات وإجراءات باتجاه العمل على فتح معبر جابر- نصيب، حيث يشجّع فتح معبر طريبيل مع العراق على التوجه بهذا الاتجاه، وبما يؤمّن المعابر مع البلدين من الميليشيات الطائفية أو الجهادية الإرهابية، وبما يهيئ الظروف لاستعادة النشاط الاقتصادي وتمكين حكومتي بغداد ودمشق من تحمّل عبء السيطرة الكاملة على حدودهما بعدما استمر الأردن في تحمل جزء مرهق من هذا العبء.
والمقاربة الأردنية اليوم تلحظ أهمية مواكبتها للتطورات الميدانية، وقد كان انسحاب جيش العشائر (الوثيق الصلة بالأردن) قبل أسابيع من المناطق التي كان يسيطر عليها شرق السويداء تحت وطأة القوة النارية للجيش السوري النظامي متسقة مع هذا الاتجاه، ومع روح التفاهمات مع موسكو، وقريباً بين موسكو وواشنطن. وربما ينظر الأردن إلى جولة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الجديدة إلى عمّان والرياض من زاوية أن حلقات التقارب الأردني-السوري ستكتسب دفعة قوية في حال إتمام روسيا مشاوراتها مع الأطراف الخليجية في شأن الملف السوري، في ظل بيئة إقليمية داهمتها حقائق سياسية جديدة.
المصدر : الحياة