مقالات

علي العبد الله – حوار طرشان في الموضوع الكردي

في سعيي إلى التعبير عن تعاطفي مع الكرد في محنتهم بعد الإجراءات التي اتخذتها طهران وأنقرة وبغداد ضد إقليم كردستان، نشرت على صفحتي في الـ «فايسبوك» دعوة «لجنة الأنشطة لمبادرة دعم استقلال كردستان- برلين» إلى تظاهرة في برلين يوم الجمعة 27/10/2017 تبدأ بالتجمع أمام السفارة الأميركية ثم تتوجه إلى الخارجية الألمانية احتجاجاً على الصمت الدولي عما يُجرى في الإقليم.

وكانت المفاجأة تعليق عدد من أصدقاء الصفحة من العرب، تعليقات سلبية بدأت بـ «مبروك أصبحت من الداعمين»، وثنى آخر بـ «يا للعار»، وثالث بـ « ليش علي العبدالله كردي؟».

لم أردّ على الأول، وكتبت رداً على الثاني قائلاً: «هذا رأيك وأنت حرّ بما ترى، موقفي من حقوق الكرد مرتبط بإيماني بالعدل والمساواة بين البشر أفراداً وجماعات، وعدم التمييز فيها لاعتبارات عرقية أو دينية أو مذهبية». وقلت للثالث:» أنا عربي وافتخر، لكن كوني عربياً لا يعني بحال أن أكون متعصباً وأنكر على الآخرين حقوقهم، أنا مع العدل والمساواة وما أقبله لنفسي أقبله للآخرين، فالحرية والكرامة قيم إنسانية وهي حق لكل بني الإنسان من دون تمييز أو افتئات».

ردّ الثاني بلغة عامية قائلاً: «ومن قال لك إنني ضد الكرد أنا لست ضد الشعب الكردي ولكن أنا ضد الميليشيات والأحزاب الإرهابية الانفصالية الكردية هذا أولاً… ثانياً. عندما تدعو لمضاهره [تظاهرة] نصرة لاستقلال كردستان فأنت تؤيد الانفصال وتقسيم الدول العربية كالعراق وسورية وعندما تؤيد حق الأكراد بل انفصال فأنت إذاً لا تدرك أنك تؤيد أحزاباً خائنة للدين وللوطن وللشعب فالأحزاب والميليشيات التي تسعى الى الانفصال هي نفسها الميليشيات التي ساعدت وساندت النضام وإيران بحصار حلب وهي نفسها الأحزاب والمليشيات التي كانت تدخل الذخيرة للميليشيات الشيعية داخل نبل والزهراء عندما كان الجيش الحر محاصرها وهي نفسها التي طعنت الثورة السورية والشعب السوري وهي نفسها الميليشيات التي احتلت مناطق عربية كتل أبيض ومنبج والرقة والطبقة ومنعت أهلها من العودة وهجرتهم وجرفت قراهم ومنازلهم… هي نفسها الميليشيات التي تمنع السوريين العرب من دخول مناطق الحسكة والقامشلي وعفرين وغيرها إلا بوجود كفيل كردي… فمن هو العنصري والحاقد برأيك».

قلت: «صديقي يجب التمييز بين الحق الطبيعي وممارسات حزب مرفوضة، الكرد ليسوا مسؤولين عن ممارسات حزب الاتحاد الديموقراطي، مع ملاحظة أن ممارسات هذا الحزب جزء منها على خلفية عدائية وانتقامية، هي وليدة حالة العداء السائدة بين الكرد والعرب والتي تأسست على خلفية إنكار حق الكرد، وهذا لا يعني أنها مقبولة فإنا ضد كل تجاوز على حقوق المواطنين المدنيين من كل الأطراف، وقد كتبت ذلك في مقالات سابقة، وجزء منها ميداني وسياسي تستدعيه ظروف الحرب والمساومات على الحل التي ستلي وقف الحرب. أما الدعوة للتظاهرة فمرتبطة بحقيقتين أولاها تأييدي قيام دولة كردية في مناطق يتفق عليها وفق المعطيات والحقائق الجغرافية والتاريخية الراسخة، وثانيها ضرورة تحريك الرأي العام الدولي حتى لا يتشجع دعاة الحسم العسكري في إيران والحشد الشعبي ويتهورون ويهاجموا إقليم كردستان وندخل في دورة حرب لقرن آخر».

قال رابع: «هل طالبت الأكراد بالخروج بتظاهرات لإنقاذ أهلنا من الموت؟ هل طالبت الأكراد بالسماح لأهلنا بأن يدخلوا مدينتهم الحسكة من دون كفيل؟ أين الأكراد من القضية الإنسانية وحقوق الإنسان… لسنا ضد حقوق الأكراد وغير الأكراد عندما تحدد الحقوق بمنطق الحقوق».

رددت: «لو دققت في النص لوجدت أن الدعوة إلى التظاهرة موجهة من لجنة الأنشطة لمبادرة دعم استقلال كردستان، مجموعة كردية في برلين، وقد وضعتها على صفحتي تضامناً وتأييداً، فأنا مع دولة كردية في حدود متوافق عليها كي ننهي صراعاً امتد واستنزف أرواحاً وإمكانات شعوبنا، أنا كما يقولون مع طلاق بائن ولست مع زواج فاسد».

انضم إعلامي قدير من المعارضة إلى السجال وكتب قائلاً: «بس لو نعرف ما هي حقوق الأكراد، وهل لها نهاية. وهل يحق لتنظيم كردي تركي أن يحتل ربع الأراضي السورية. الحديث عن حقوق من حصل على حقوقه كاملة وبدأ بالعدوان على حقوق غيره… هو مشاركة في العدوان وتأييد له. هناك مدن عربية (مثل منبج) يحتلها البيدة على رغم أن داعش غادرها ولا يوجد أي خطر من أن يعود اليها. حقوق العرب السوريين ليست ملكاً شخصياً فائضاً يوزع على الأصدقاء والأحباب».

قلت عزيزي: «أنا أميز بين حق شعب ظلم ومشاريع أحزاب تريد الحصول على شرعية وشعبية فتطرح مشاريع كبيرة وتقوم بأعمال مرفوضة لأنها تتجاوز على حقوق غيرها. لذا أنا لم أكن مع برنامج حزب أو مجموعة أحزاب كردية. حقوق الشعب الكردي تحدد عند الجلوس على طاولة التفاوض للاتفاق على مخرج، هناك خرائط ووثائق وتاريخ معروف تحدد في ضوئه، لن تحدد جزافاً، المهم أن نقبل مبدأ المعاملة بالمثل، لا أرى منطقاً في موقف يطالب بفلسطين ويرفض حق الكرد، الكرد ككل خلق الله لهم كياناً ووجوداً وتاريخاً وثقافة، وجغرافيا يمكن تحديدها».

ردّ: «إذا سيطر الأكراد على كل الأراضي التي غالبية سكانها أكراد، وكل الأراضي والمدن التي أقلية من سكانها أكراد، ومدن ليس فيها ولم يكن فيها أي كردي أبداً… وبعد السيطرة حصل تحالف كردي مع الدول العظمى كافة يضمن بقاءهم في الأراضي هذه كلها، بما فيها الأراضي المغتصبة (الأراضي التي يسيطر عليها أكراد ولا يوجد ولم يوجد فيها يوماً ولا أقلية كردية) ألا يكون الأكراد قد نالوا حقوقهم؟ إذا نال الأكراد ٣ أضعاف الأراضي التي لهم حق فيها (بأوسع مفهوم لكلمة حق)، فما معنى المطالبة بحقوق الأكراد؟ صدقني معناها الوحيد هو دعوتهم لاغتصاب المزيد من المدن العربية، وتحويلهم إلى معتدين وظالمين ومغتصبين».

رددت: «ما تم حتى الآن ليس نهاية التاريخ، وما حصل من تمدد لقوات حزب الاتحاد الديموقراطي غير مقبول، وسوف تتم مراجعة الموقف عند الجلوس إلى طاولة المفاوضات للاتفاق على حل يرضي المواطنين من دون تمييز أو إجحاف. لا أحد يقول إن ما تم سيبقى كما هو وسيعاد النظر فيه أو يكون سبباً لحروب مديدة».

عندذاك، تذكرت ما أورده الدكتور غسان سلامة في كتابه «المجتمع والدولة في المشرق العربي»، حيث قال: تسأل العراقي هل أنت بعثي؟ فيجيب بالنفي، ولكن عندما تسأله عما يُجرى في البلاد يجيب بإجابات بعثية.

المصدر : الحياة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى