قال خبراء ومحللون اقتصاديون، إن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تواصل في الوقت الراهن اتخاذ خطوات جدية نحو تحقيق التكامل الاقتصادي، ولكن ما تزال تلك الخطوات “دون المأمول”.
ويضم مجلس التعاون لدول الخليج العربية – التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط في تمويل إيرادات موازناتها – كلا من السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر وسلطنة عمان.
وأضاف الخبراءو للأناضول، إن قرار تأسيس هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية يعتبر خطوة جيدة في التسريع من آليات التكامل الاقتصادي بين دول الخليج الست.
وأقر قادة دول مجلس التعاون الخليجي، قبل نحو أسبوعين تشكيل هيئة “عالية المستوى” من الدول الأعضاء تحت مسمى “هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية” بهدف تطوير التعاون والتنسيق والتكامل بين الدول الأعضاء في المجالات الاقتصادية والتنموية.
وكان الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية والتنموية بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبدالله الشبلي أفاد في تصريحات سابقة، إن دول الخليج نجحت في تحقيق 3 مراحل من التكامل الاقتصادي، من أصل 4 مراحل وفقاً لما تمليه النظريات الاقتصادية العالمية والتي تبدأ بتأسيس منطقة للتجارة الحرة وتنتهي بالوحدة الاقتصادية مروراً بإقامة اتحاد جمركي وسوق خليجية.
وقال الخبير الاقتصادي الكويتي عدنان الدليمي، إن الظروف الاقتصادية التي فرضتها أسعار النفط المتدنية تمثل دافعاً رئيساً أمام دول مجلس التعاون الخليجي للتسريع بإتمام التكامل الاقتصادي، وإيجاد بدائل نمو جديدة لا تعتمد على العائدات النفطية.
وتشكل العائدات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي 49% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني أن التراجع في أسعار النفط سيؤثر اقتصادياً عليها على الرغم مما تحتفظ به من احتياطات مالية ضخمة.
وتمتلك دول “مجلس التعاون” أكبر احتياطي نفطي عالمي يقدر بـ 486.8 مليار برميل، أي نحو 35.7% من إجمالي الاحتياطي العالمي من النفط، وما نسبته 70% من إجمالي الاحتياطي العام لـ “أوبك”، وفق آخر التقارير الصادرة عن “وكالة الطاقة الدولية”.
وتابع عدنان الدليمي، في اتصال هاتفي من الكويت مع الأناضول، أنه على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومات الخليجية على مدى ثلاثة عقود ونصف مضت لتحقيق التكامل الاقتصادي، إلا أنها لا تزال “دون المأمول”.
وتأسس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في 25 مايو/أيار 1981 في إمارة أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة، بهدف تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دول الخليج في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، ويتخذ المجلس من العاصمة السعودية الرياض مقراً له.
وأضاف الخبير الاقتصادي الكويتي، “رغم ما تم تحقيقه من خطوات ملموسة نحو التكامل الخليجي، ما يزال هناك عدد من المعوقات أهمها أن أرقام التجارة البينية ما تزال متواضعة، نتيجة تشابه الصادرات (يمثل النفط النسبة الأكبر)، وضعف دور القطاع الخاص في الأنشطة الاستثمارية، ووجود فجوة زمنية بين الموافقة على بعض القرارات الاستراتيجية، وبين دخولها حيز التنفيذ”.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي وضاح ألطه (عراقي مقيم في الإمارات)، “من الملاحظ في الأونة الأخيرة أن هناك إرادة خليجية للمضي نحو تكامل اقتصادي مع وجود تغير كبير وجذري بدأ على أرض الواقع، وهناك إصلاحات لتحقيق التكامل الاقتصادي مع تنشيط وتحديث التوجه لفكرة السوق الموحدة”.
وتابع ألطه، للأناضول، “يساهم قيام سوق خليجية موحدة (لم تتم بعد) في تعزيز الإنتاجية وتحقيق مستويات أعلى للتجارة البينية بين دول الخليج إلى جانب خفض تكاليف التجارة والرسوم الجمركية، فضلاً عن أنه سيجعل منطقة الخليج أكثر جاذبية للشركات العالمية”.
وقال محمد العمران، رئيس المركز الخليجي للاستشارات المالية (مركز متخصص بدراسة وتحليل الأسواق المالية الخليجية والعالمية مقره الرياض)، إن هناك بعض العوامل الأساسية الداعمة للتكامل منها تشابه اقتصاديات دول الخليج في الموارد والإنتاج والقرب الجغرافي والتشابه أيضاً في العادات والتقاليد الذي يسهل وضع قوانين وتشريعات مشابهة وأنظمة متجانسة.
ولفت العمران، أن هناك العديد من المزايا الاقتصادية الكبيرة، التي يوفرها التكامل منها زيادة الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص عمل جديدة وتيسير حركة البضائع والخدمات والعمالة بين الدول، فضلا عن زيادة حجم التجارة البينية.
وبحسب تقرير أعلنته “إرنست ويونغ” البريطانية أواخر مارس/ آذار الماضي، إن التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن يعزز الناتج المحلي الإجمالي لها بنسبة 3.4٪ أو بنحو 36 مليار دولار أمريكي.
وأضاف رئيس المركز الخليجي للاستشارات، أنه ما تزال هناك خطوات أخرى نحو تحقيق التكامل التام والذي من شأنه خلق كيان قوي على خارطة الاقتصاد العالمي.
وبحسب أحدث الأرقام المنشورة عن المركز الإحصائي الخليجي، يأتي اقتصاد دول التعاون في المرتبة الثانية عشرة ضمن أكبر اقتصادات العالم بناتج محلي إجمالي بلغ 1.62 تريليون دولار، فيما تعتبر خامس أهم اقتصاد من حيث التبادل التجاري مع العالم، بنحو 1.42 تريليون دولار ليصبح رابع أكبر مصدر، بعد الصين ثم الولايات المتحدة وألمانيا.
وفي حال قررت دول مجلس التعاون الخليجي أن تصبح سوقاً واحدة بدلاً من ستة أسواق منفصلة، فإنها مجتمعة ستغدو تاسع أكبر اقتصاد في العالم بحجم يماثل الاقتصاد الكندي والروسي ويقارب حجم الاقتصاد الهندي، وفقاً لتقرير “إرنست ويونغ”.
وطن إف إم / اسطنبول