دفع القلق بشأن وحدة الاتحاد الأوروبي في أعقاب نتائج الاستفتاء البريطاني، وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني إلى تنفيذ خفض في تصنيف الاتحاد مع نظرة مستقرة.
خفضت الوكالة مساء الخميس، تصنيفها الائتماني للاتحاد الاوروبي من (AA+) إلى (AA) مشيرة أنها أعادت نظرتها وتقييمها للتماسك داخل منظومة الاتحاد، الذي قد يشهد مرونة أقل في الفترة المقبلة.
ويرى خبير الاقتصاد راشد الفوزان (سعودي)، أن التصنيف الائتماني يعني بدء مواجهة الاتحاد الأوروبي لبوادر ضعف جديدة مع الإعلان عن نتائج الاستفتاء البريطاني.
وأضاف الفوزان في اتصال مع الأناضول من الرياض، “يعاني الاتحاد الأوروبي -قبل الاستفتاء البريطاني- من ضعف في بعض المؤشرات.. لا أحد يستطيع إخفاء الضعف الأوروبي مقارنة بسنوات سابقة”.
وتابع، “الزخم الاقتصادي كان غائباً عن مؤشرات الاقتصاد الأوروبي، ما دفع إلى ارتفاع في نسب البطالة، وتراجع في نسب التضخم إلى قرابة الصفر، وتباطؤ النمو في الناتج المحلي الإجمالي”.
ووفق أرقام مجمعة أوردها صندوق النقد الدولي، فإن بريطانيا واحدة من أقوى الدول اقتصادياً في الاتحاد الأوروبي إلى جانب ألمانيا، ويشكل ناتجها المحلي 16.5٪ من إجمالي الناتج المحلي للاتحاد الأوروبي.
وبلغت نسبة البطالة في الاتحاد الأوروبي 8.6٪، وتصل 25٪ في دول مثل اليونان، و20٪ في إسبانيا، بينما بلغت نسبة التضخم في يونيو/حزيران الماضي 0.1٪، بحسب أرقام مكتب الإحصاءات الأوروبية (يوروستات).
ونوه الخبير الاقتصادي السعودي، أن التصنيف الائتماني الجديد للاتحاد الأوروبي، يعني أن تأثيراً سلبياً على الاستثمارات المحتملة في الاتحاد الأوروبي خلال المدى المتوسط، وبالتالي مزيداً من التراجع في أرقام الاقتصاد الكلي.
وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني عقب الاستفتاء أن البنوك الأمريكية الكبرى ستنقل استثماراتها وموظفيها إلى دول في الاتحاد غير بريطانياً.
في سياق متصل، لفت الفوزان أن تدفق اللاجئين هو أحد الأسباب في قرار ستاتدرد آند بورز، “الاتحاد الأوروبي لم يستطع استغلال تدفق اللاجئين لتحقيق انتعاش في الاقتصاد والإنتاج للدول المستضيفة، في الوقت الذي تعاني منه تلك الدول من الشيخوخة”.
والشهر الماضي، دعا صندوق النقد الدولي ألمانيا إلى استغلال تدفق اللاجئين ودمجهم في الحياة العملية، ليكونوا أفرادًا منتجين، وحل أزمة الشيخوخة التي تعاني منها البلاد وتكاليف التقاعد المرتفعة.
إلا أن الخبير والمستشار المالي محمد سلامة، يرى أن “تدفق اللاجئين ربما أثر على التصنيف الائتماني لدول أوروبا، لكنها (أي الدول) لا تستطيع إقحامهم في الحياة الاقتصادية أكثر، لأسباب مرتبطة بتخوفات دخول إرهابيين بين المهاجرين”.
وأضاف في حديث مع الأناضول من فلسطين، “الاتحاد الأوروبي يتعامل مع اللاجئين كما تحتم عليه الأولويات.. النمو الاقتصادي مهم لكن توفير الحماية الأمنية للحدود وداخل المدن أكثر أهمية”.
وأشار أن أحد أبرز أسباب خفض التصنيف الائتماني هو الوضع الداخلي الأوروبي أكثر منه تبعات الاستفتاء البريطاني، “الاتحاد الأوروبي يعلم بوجود نقاط ضعف وأعلن في اجتماعه الأسبوع الجاري أنه سيعمل على حلها.. وربما يكون أحد الحلول هو التخلص من الدول التي تشكل عبئاً على قوتها الاقتصادية”.
لكن الوقت الحالي بحسب سلامة، “غير مناسب لأي خروج، لأن الاتحاد الأوروبي متخوف من انسحابات لاحقة من منظومته خلال الفترة القريبة ما يعني أن حجارة الدومينو (الدول) بدأت بالتساقط”.
وتوقع المستشار المالي أن تقدم مؤسسات التصنيف الائتماني خلال الفترة المقبلة على خفض تصنيف الاتحاد الأوروبي، لكن لن تخفضه بدرجة أكبر عما قامت به ستاندرد آند بورز، “رغم ارتفاع المديونية والبطالة، إلا أن الاتحاد قادر على السير قدماً لتحقيق انتعاش في أرقامه”.
المصدر : الأناضول