قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن مسألة اللاجئين السوريين في لبنان عادت إلى خانة الأولوية المعلنة للحكومة اللبنانية، وسط تفاقم العداء ضدهم,
ونقلت الصحيفة عن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، قوله، إنه يريد تسريع عمليات العودة إلى سوريا، بعد أن خرجت عشرات المطالبات بطردهم من البلاد إثر مقتل زعيم جماعة سياسية مسيحية نسبه الجيش اللبناني إلى “عصابة سورية”.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن التوترات الأخيرة بدأت بعد اختطاف وقتل المسؤول المحلي في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان بمنطقة جبيل (شمال بيروت) حيث قال الجيش في 8 أبريل/نيسان إنه “قُتل على يد أفراد عصابة سورية” بحسب التحقيق الأولي.
وعلى الفور، تعرض السوريون للضرب في الشوارع، وخاصة على يد المتعاطفين مع هذه المجموعة المسيحية، وتلت ذلك عشرات الدعوات لطرد السوريين من قبل مجموعات من السكان أو البلديات أو الملاك في مناطق مختلفة، بما فيها المعاقل المسيحية في بيروت.
ونقلت لوموند عن مواطن سوري من منطقة الرقة يدعى عاطف قوله “إن السوريين مكروهون ويتعرضون لضغوط قوية في المناطق المسيحية” وهي التي فروا إليها من الجنوب الذي قصفه الجيش الإسرائيلي خلال حرب عام 2006″.
ويعمل عاطف بوابا منذ أن استقر في لبنان قبل سنوات قليلة من اندلاع الحرب في بلاده عام 2011.
ونشأت موجة من العداء تجاه السوريين منذ بداية الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي تسببت في إفقار غير مسبوق وانتعاش للهجرة والضغوط المزمنة عام 2019، حيث أدى الوجود الهائل للاجئين (حوالي مليونين) إلى بروز توترات متكررة، تم التعبير عنها داخل المجتمعات المختلفة في لبنان، وفق الصحيفة.
ويتأسف رمزي قيس، الباحث المتخصص في الشأن اللبناني بمنظمة هيومن رايتس ووتش، على أنه عندما تحدث جريمة لها علاقة بأحد السوريين، يبادر “المسؤولون اللبنانيون إلى جعل كل السوريين كباش فداء”.
وخلصت لوموند إلى أن حدوث انفجار إقليمي لا يزال قائما بالشرق الأوسط، حيث أدى مناخ الحرب على غزة إلى تراجع البحث عن حل سياسي للصراع في سوريا، مما يدعو عاطف إلى وضع حقيبته في الزاوية استعدادا للفرار في حال حدوث أي تصعيد في لبنان، ليعود إلى الرقة، وفق قوله.
وقبل 4 أيام، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن السلطات اللبنانية احتجزت في الأشهر الأخيرة سوريين تعسفيا وعذبتهم وأعادتهم قسراً إلى مناطق سيطرة الأسد، وبينهم نشطاء في المعارضة ومنشقون عن الجيش.
وضربت المنظمة لذلك أمثلة لناشطين ومنشقين عن الجيش اعتقلوا تعسفيا وعذبوا وطردوا بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار من هذا العام، مشيرة إلى أن لاجئين سوريين آخرين “يكافحون” للبقاء في لبنان رغم “أوامر الترحيل والبيئة العدائية المتزايدة التي تفاقمت جراء إقدام المسؤولين على اتخاذ اللاجئين كبش فداء”.
وبحسب المنظمة، فإن المسؤولين اللبنانيين “فرضوا لسنوات ممارسات تمييزية ضد السوريين المقيمين في البلاد كوسيلة لإجبارهم على العودة إلى سوريا، التي ما زالت غير آمنة”، مضيفة أن الاعتقال التعسفي والتعذيب والترحيل بحق السوريين الذين يواجهون خطر الاضطهاد المثبت إذا عادوا “نقاط تمعن في تلطيخ سجل لبنان في التعامل مع اللاجئين”.
ولفتت المنظمة إلى تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين صدر في مارس/آذار الماضي وأشار إلى ترحيل 13 ألفا و772 شخصا من لبنان إلى سوريا في نحو 300 حادثة في عام 2023، بما في ذلك 600 سوري في يوم واحد في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وتابع تقرير المنظمة أن السلطات المحلية اتخذت في 27 بلدية إجراءات تحدّ من قدرة اللاجئين السوريين النازحين في جنوبي لبنان على إيجاد مأوى بديل، في إشارة إلى تهجير عشرات الآلاف من جنوبي لبنان في أعقاب القتال عبر الحدود بين إسرائيل والفصائل المسلحة اللبنانية والفلسطينية المستمر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.