جعجع يعلن رسميًا دعم انتخاب خصمه عون رئيسًا للبنان
أعلن رئيس حزب “القوات اللبنانية” المنضوي في حلف “14 آذار” المؤيد للثورة السورية، سمير جعجع، تبني ترشيح خصمه السياسي، مؤسس التيار الوطني الحر، النائب ميشال عون، (حليف حزب الله)، رئيسًا للبنان.
وأعلن جعجع ذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع عون اليوم الإثنين، من مقره في معراب شمالي بيروت، بحضور نواب ووزراء من الفريقين وحشد إعلامي وسياسي كبير، وفق ما يشبه برنامج رئاسي تلاه جعجع يتضمن العديد من البنود منها منع تدفق المسلحين من لبنان إلى سوريا والالتزام بالدستور الحالي للبلاد، وهو ما أعلن عون موافقته عليه كاملًا.
وأشار جعجع أن تبني ترشيح القوات اللبنانية العماد ميشال عون، جاء بعد مناقشات طويلة داخل الحزب وفي ظل الشغور الرئاسي الذي أدى إلى “شلل مؤسسات الدولة ومست ارتداداته السيادة اللبنانية وكادت تقضي على وجود الدولة في وقت تعيش المنطقة أكثر أيامها سوءً وتفجرًا”.
وشدد جعجع على أن هذا التحالف يأتي ضمن مبادئ تشكل إعلانًا رئاسيًا يتضمن “تأكيد الإيمان بلبنان وطنًا نهائيًا سيدًا حرًا والالتزام بوثيقة الاتفاق الوطني في الطائف واحترام أحكام الدستور من دون انتقائية”، مؤكدًا المبادئ السيادية في المواضيع الإقليمية والدولية، و”ضرورة التزام سياسة لبنانية مستقلة بما يضمن وحدة لبنان ويحترم القانون الدولي وذلك بنسج علاقات تعاون وصداقة مع جميع الدول لا سيما العربية”.
وأكد جعجع اعتبار “إسرائيل دولة عدوة”، و”حق الفلسطينيين بالعودة ورفض التوطين والحل السياسي على أساس الدولتين”.
ولفت رئيس حزب “القوات اللبنانية” إلى الاتفاق مع عون على “تعزيز مؤسسات الدولة ودعم الجيش معنويًا وماديًا وبسط سلطة الدولة وحدها على كامل الأراضي اللبنانية”، و”ضبط الأوضاع على الحدود اللبنانية السورية بالاتجاهين وعدم استعمال لبنان مقرًا ومنطلقًا لتهريب المسلحين والسلاح بالاتجاهين”.
وشدد على “ضرورة إقرار قانون جديد للانتخابات يراعي المناصفة الفعلية وصحة التمثيل (بين المسلمين والمسيحيين)”. من جهته، قال عون “أود شكر القوات على دعمي في انتخابات الرئاسة اللبنانية بتوجيه من جعجع”.
وأضاف عون أن “كل ما ذكره جعجع، لا شك يقع في ضميرنا وكتابنا ونحن سنعمل عليه ولن ننسى ما قاتلنا من أجله في سيادة هذا الوطن واستمراره ودوامه في التاريخ لذلك سنسعى دائمًا لنجعل منه نموذجًا”.
وتعهد بـ “عدم الكيدية” عند انتخابه، مشددًا على “إنني سأكون غطاءً لجميع اللبنانيين ولن أتعامل بكيدية مع أحد”.
وأردف عون “أتمنى في هذا اليوم التاريخي أن نحقق ما تكلمنا عنه جعجع وأنا”.
وكان رئيس رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب “القوات اللبنانية”، ملحم الرياشي أعلن في وقت سابق اليوم أن جعجع سيعلن خلال ساعات تبني ترشيح عون.
وقال الرياشي في تصريحاته التي نقلها الموقع الرسمي للحزب على الإنترنت، إنه “خلال ساعة من الآن سيعلن الدكتور جعجع تأييد ترشيح العماد ميشال عون، لرئاسة الجمهورية”.
ويعد هذا الموقف، بحسب مراقبين، خلطًا في التحالفات بين قوى “14 آذار”، و”8 آذار” الحليفة لنظام بشار الأسد في سوريا ويقودها “حزب الله”،.كما أنه يأتي ردًا على قيام رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الذي يتزعم تيار “المستقبل” الأكثر تمثيلًا لسنة لبنان، والذي يقود حلف “14 آذار”، بإعلان دعمه لانتخاب النائب سليمان فرنجية، من حلف “8 آذار” رئيسا للجمهورية، الأمر الذي رفضه جعجع وخلق شرخًا في الحلف.
ويعتبر تنازل جعجع عن ترشحه للرئاسة لصالح عون بمثابة طي صفحة الخلاف السياسي بين الرجلين في الساحة المسيحية والذي شهد حربي إلغاء شنها عون عامي 1989 و1990 حين كان قائدًا للجيش ورئيسًا لحكومة عسكرية مؤقتة ضد الميليشيات التي كان يقودها جعجع.
ويشهد لبنان فراغًا رئاسيًا منذ 25 مايو/أيار 2014، اثر انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، حيث فشل البرلمان طوال 34 جلسة آخرها في 7 كانون الثاني/يناير الماضي في انتخاب الرئيس 13 للبلاد، بسبب الخلافات السياسية التي حالت دائماً دون اكتمال النصاب القانوني لجلسة انتخاب الرئيس وهي 86 نائباً على الاقل من مجموع 128 نائبا.
وحدد رئيس البرلمان، نبيه بري، تاريخ 8 شباط/فبراير المقبل، كموعد للجلسة ال 35.وكان جعجع (62 عاماً) والنائب هنري حلو، مرشح الوسط الذي يدعمه النائب والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، هما المرشحين الرسميين البارزين في السباق الرئاسي، فيما المرشح القوي الآخر غير المعلن رسمياً، فهو رئيس “التيار الوطني الحر” ميشال عون الذي كان قائدًا للجيش اللبناني من 23 يونيو/ حزيران 1984 وحتى 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 1989، ورئيسا للحكومة العسكرية الانتقالية، التي تشكلت عام 1988، إثر الفراغ الرئاسي الذي شهده لبنان بعد انتهاء ولاية الرئيس آنذاك، أمين الجميّل.
وتنقسم القوى الأساسية في البرلمان بين حلفي “14 آذار” و”8 آذار”، بالإضافة إلى الوسطيين وعلى رأسهم جنبلاط، وتحمل قوى “14 آذار” كل من حزب الله وحليفه عون، مسؤولية التعطيل المتكرر لنصاب انتخاب الرئيس داخل مجلس النواب.
ويتيح الدستور لمجلس النواب، انتخاب أي مسيحي ماروني لم يعلن عن ترشحه.ويتوجب حضور ثلثي عدد النواب البالغ عددهم 128 لتأمين نصاب انتخاب الرئيس اللبناني في الدورة الأولى أي 86 نائبا، وفي حال عدم حصول المرشّح على ثلثي الأصوات، تجري عملية اقتراع جديدة يحتاج فيها المرشّح الى 65 صوتاً على الأقل للفوز بالمنصب.
يذكر أن المسيحي الأرثوذكسي شارل دباس، كان أول من تولى رئاسة الجمهورية اللبنانية عام 1926، وذلك بعد إقرار دستور البلاد في عهد الانتداب الفرنسي، وفي عام 1943 اتفق مسلمو لبنان ومسيحيوه بموجب الميثاق الوطني، وهو اتفاق غير مكتوب، على توزيع السلطات، على أن يتولى الرئاسة مسيحي ماروني لولاية تمتد 6 سنوات غير قابلة للتجديد، مقابل أن يكون رئيس الوزراء مسلماً سنياً، ورئيس البرلمان مسلماً شيعياً، وما يزال هذا العرف الدستوري سارياً حتى الآن.
المصدر : الاناضول