“واشنطن بوست”: جيش الأسد يتآكل
نقلت “واشنطن بوست” الأميركية عن تقرير أصدره في ديسمبر/كانون الأول الجاري معهد “دراسة الحرب” الأميركي، أن عديد الجيش النظامي السوري قد انخفض إلى أكثر من النصف منذ بدء النزاع، إذ تراجع عدد أفراده من حوالي 325 ألفاً إلى 150 ألفاً بسبب الخسائر والانشقاقات وتزايد حالات الفرار.
ونقلت الصحيفة، في تقريرها الذي نشرته أول من أمس، عن محلل الشؤون السورية في المعهد، كريستوفر كوزاك، إن تعبئة الاحتياط والجهود المبذولة من قبل النظام تصاعدت بعد مغادرة الكثير من المقاتلين الموالين للنظام. وقال كوزاك إن العشرات من هؤلاء المقاتلين هم من الشيعة، الذين قدموا من العراق وإيران وأفغانستان، ومن مقاتلي حزب الله في لبنان، وقد غادروا إلى العراق في الصيف الماضي لمواجهة قوات تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش).
وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي أعدّه مراسلها في بيروت، هيو نايلور، أن النظام السوري كثف أخيراً من جهوده للتغلب على خسائر جيشه البشرية، إذ عمد إلى تعبئة واسعة النطاق من جنود الاحتياط، فضلاً عن حملات اعتقال واسعة في صفوف “المتخلّفين عن الخدمة” وفرض أنظمة وقوانين جديدة لوقف فرار الجنود وردع من تراوده نفسه للهرب من الخدمة.
ونقل مراسل الصحيفة عن محللين قولهم إنّ نظام بشار الأسد فرض في الأشهر الأخيرة تدابير صارمة بسبب ارتفاع الخسائر البشرية في صفوف القوات الموالية للنظام، فضلاً عن الزيادة الواضحة في عدد حالات الفرار والتهرّب من الخدمة العسكرية الإلزامية. وبحسب التقرير، فإن “هناك من يظن بأنّ الإجراءات الأخيرة قد تكون جزءاً من الجهود العسكرية التي يحشدها جيش الأسد لمعركة مقبلة تهدف الى كسب المزيد من الأرض من الجماعات المعارضة تحسباً لمحادثات سلام محتملة، أعلنت عنها روسيا بهدف إنهاء ما يقرب من أربع سنوات من الصراع”.
وينقل التقرير عن محللين قولهم إنّ الإجراءات التي اتخذها نظام الأسد قد تؤجّج الغضب بين أنصار النظام، خاصة أنهم يشهدون تزايد أعداد ضحايا الجيش السوري خلال الصراع. وبحسب هؤلاء المحللين، قد يؤدي الغضب إلى ردّ فعل عنيف، وهذا بدوره يمكن أن يقوّض أهداف الأسد في الحرب.
وتنقل “واشنطن بوست” عن الخبير في الشؤون السورية في معهد “واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”، أندرو تابلر، قوله إنه “من الواضح أن هذه الإجراءات أغضبت شريحة أساسية من مكوّنات القاعدة المؤيدة للنظام، كما أنها تظهر مدى استماتة النظام لملء صفوف الجيش العربي السوري بعناصر جديدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن النظام السوري كثف في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي من نشاطه في استدعاء قوات الاحتياط. وقد تم استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط. كما تم نشر العشرات من الجنود ورجال المليشيا على العشرات من نقاط التفتيش، وتم تكثيف الحملات على المقاهي والمنازل بهدف إلقاء القبض على جنود الاحتياط المتخلفين عن الالتحاق بالخدمة. كما استهدفت تدابير مماثلة الهاربين من الخدمة العسكرية الإلزامية، التي تعتبر إجبارية على كل رجل بلغ سن الـ 18 عاماً، ومدتها 18 شهراً.
وقال نايلور إن النظام السوري كثف في الأسابيع الأخيرة، التهديد بفصل موظفي الدولة المتخلفين عن الوفاء بالتزاماتهم العسكرية مع تغريمهم مالياً، بالإضافة إلى فرض قيود جديدة جعلت من المستحيل بالنسبة للرجال في سن العشرين سنة مغادرة البلاد.
ونقل مراسل “واشنطن بوست” عن عماد سالم سلامة، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية، أن الجهود الرامية إلى تعزيز أرقام عديد الجيش النظامي السوري تعكس جزئياً رغبة حلفاء الأسد، إيران وروسيا، في إنجاز تسوية سياسية للحرب الأهلية السورية. فيما نقل التقرير عن يزيد صايغ، الخبير في الشؤون السورية وكبير المحللين في مركز “كارنيغي” للشرق الأوسط في بيروت، قوله إن “الأزمات الاقتصادية في إيران وروسيا بسبب تراجع أسعار النفط قد تؤثر على دعمهم لنظام الأسد، بعدما منعت حتى الآن انهياره، والسؤال هو إذا ما كانت إيران وروسيا في طريقهما حقاً لدفع النظام للانخراط في الجهود الدبلوماسية”، خاصة بعد تنامي الغضب بين مؤيديه بسبب ارتفاع الخسائر البشرية.
وقال تقرير “واشنطن بوست” إن بوادر تذمر وانشقاق ظهرت أخيراً بين أبناء الطائفتين العلوية والدرزية، وقد رفضت معظم العائلات الدرزية السماح لأبنائها بالانضمام إلى الجيش، وقد وصل الأمر إلى ذروته في حادث خطف القرويين الدروز ضباطا في مخابرات النظام السوري في محاولة لإطلاق سراح رجل اعتقل لرفضه الخدمة في الجيش.
العربي الجديد – وطن اف ام