كشف مسؤولون أميركيون وآخرون سعوديون مقربون من العائلة المالكة، أن ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، مُنع من السفر خارج السعودية، وهو تحت الإقامة الجبرية في قصره بمدينة جدة.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أمس الأربعاء 28 يونيو/حزيران 2017، عن مسؤولين حاليين وسابقين قولهم، أنه تم فرض هذه القيود الجديدة على الأمير محمد بن نايف، ومن غير الواضح كم ستطول مدتها.
وقال المسؤولون، الذين اشترطوا عدم الإفصاح عن هوياتهم لعدم تعريض علاقاتهم بالعائلة المالكة السعودية للخطر، إن القيود المفروضة على الأمير، الذي كان يدير وزارة الداخلية القوية في المملكة، تهدف إلى تقويض أي معارضةٍ مُحتَمَلةٍ ضد ولي العهد الجديد محمد بن سلمان، 31 عاماً.
وسارعت الرياض الخميس 29 يونيو/ حزيران 2017، إلى نفي الأنباء التي نشرتها الصحيفة الأميركية، والتي تفيد بتحديد إقامة بن نايف في القصر ومنعه من السفر للخارج، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
وردا على سؤال بشأن التقرير الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز قال المسؤول لرويترز “هذا ليس صحيحا، 100 في المئة”.
تحت الإقامة الجبرية
الصحيفة الأميركية ذكرت أيضاً أن القيود فُرِضَت كذلك على بنات محمد بن نايف، وفقاً لمسؤول أميركي سابق على صلة بالعائلة الملكية السعودية. وقال المسؤول إن السلطات أخبرت إحدى بنات محمد بن نايف بأن زوجها وطفلهما يمكنهما مغادرة المنزل في حين يتوجب عليها البقاء فيه.
وتابعت الصحيفة: “وقال سعودي مقرَّب من العائلة المالكة إن القيود الجديدة فُرِضَت مباشرةً بعد ترقية محمد بن سلمان.
وعاد محمد بن نايف بعد التصريح إلى قصره في مدينة جدة، ليجد أن حراسه الموثوق بهم حل محلهم حراسٌ موالون لمحمد بن سلمان، وفقاً للمصدر السعودي والمسؤول الأميركي السابق. ومنذ ذلك الحين منعته السلطات من مغادرة القصر.
وأكد مسؤولٌ سابق آخر على صلةٍ وثيقةٍ بالعائلة المالكة أن محمد بن نايف ممنوعٌ من مغادرة المملكة، لكنه أضاف أنه لم يسمع بخبر إلزامه بالإقامة الجبرية في قصره.
داخل العائلة المالكة
وصدر في السعودية الأربعاء 21 يونيو/حزيران 2017، أمر ملكي قضى بإقصاء ولي العهد محمد بن نايف واستبداله بنجل الملك محمد بن سلمان.
وأشاد مؤيدو محمد بن سلمان بترقيته لولاية العهد، قائلين إن هذا يُعد تمكيناً لأميرٍ شابٍ طموح يطرح رؤيةً إيجابيةً لمستقبل المملكة.
لكن ووفقاً لنيويورك تايمز فإن هذه الترقية تحجب الآفاق السياسية التي كانت أمام الأمراء الكبار، الذين يعتبره بعضهم مُتهوِّراً، ونهِماً للسلطة، وغير مُحنَّك.
وبحسب ما ذكرت الصحيفة الأميركية، فإن هذه القيود على الأمير بن نايف، تعكس حالة الخوف التي انتابت أفراداً من العائلة المالكة من التغيير.
وترى الصحيفة الأميركية أن وسائل الإعلام السعودية سعت إلى تصوير انتقال ولاية العهد بأنه كان عبارة عن عملية سلسة، إذ أخذت مراراً وتكراراً تبث مقطع فيديو يُظهِر محمد بن سلمان يُقبِّل يد محمد بن نايف توقيراً له، ومحمد بن نايف يتمنى له التوفيق.
لكن القيود المفروضة على الأمير الأكبر تثير مخاوف بأن أعضاء في العائلة المالكة الممتدة منزعجون من هذا التغيير، وأن ظهوره في العلن قد يفاقم من مثل هذه المشاعر، وفقاً للصحيفة الأميركية.
أميركا: لا نريد أن نراه يعامل بفظاظة
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤول أميركي رفيع المستوى قوله: “إنها إشارةٌ إلى أن محمد بن سلمان لا يريد أي معارضة”. وأضاف: “إنه لا يريد أي شقاقٍ داخل العائلة المالكة، بل يرغب في تصعيدٍ سلس دون معارضة – هذا لا يعني بالضرورة أن محمد بن نايف يُخطِّط لأي شيء”.
وقال المسؤول إن حكومة الولايات المتحدة كانت على تواصل مع وزارة الداخلية السعودية، لكن المسؤولين الأميركيين لم يكن لهم أي صلةٍ رسميةٍ بمحمد بن نايف، فيما كانوا يراقبون الوضع عن كثب.
وقال المسؤول الأميركي: “لطالما كان محمد بن نايف صديقاً وشريكاً عظيماً للولايات المتحدة، ونحن لا نرغب في أن نراه يُعامَل بفظاظةٍ أو بصورةٍ غير لائقة”.
ومنذ عزلِ محمد بن نايف عن ولاية العهد، عبَّرَ العديد من المسؤولين الاستخباراتيين الأميركيين، وغيرهم من مسؤولي مكافحة الإرهاب، بسريةٍ، عن غضبهم إزاء المعاملة التي يتلقاها الأمير المعزول. لكن هؤلاء المسؤولين كانوا قلقين من التحدُّثِ عن هذا الأمر علناً، بالوضع في الاعتبار الدعم القوي الممنوح للملك وابنه من قِبَلِ الرئيس ترامب ومعاونيه الكبار، بمن فيهم صهره جاريد كوشنر.
تناول محمد بن سلمان العشاء مع ترامب في البيت الأبيض في مارس/آذار. ومهَّد هذا الطريق لزيارة ترامب إلى السعودية، حيث أعلن السعوديين حلفاء رئيسيين في الحرب على الإرهاب والتطرُّف.
وجاءت ترقية محمد بن سلمان الأسبوع الماضي بعد صعوده الصاروخي من الغياب شبه التام عن الساحة منذ صعود والده إلى العرش في أوائل 2015 وحتى قمة الطاقة السعودية. منذ ذلك الحين تولَّى بن سلمان وزارة الدفاع، والإشراف على الشركة الحكومية المُحتَكِرة لمجال النفط، وقاد تطوير خطة “رؤية 2030” التي تسعى إلى تقليل اعتمادية المملكة على النفط وتنويع الاقتصاد ورفع بعض القيود الاجتماعية.
وصاحب صعود محمد بن سلمان صعود عدد من الأمراء الشباب الآخرين. وتولَّى مؤخراً أحد إخوته، خالد بن سلمان، منصب سفير السعودية في واشنطن. ويُعتَقَد أنه في أواخر العشرينات.
وطن اف ام / وكالات