كشف الكاتب الأمريكي ديكستر فيلنكز في تقرير له بمجلة “نيويوركر” تفاصيل ما جرى مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بعد قيام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان باستدعائه و”اعتقاله” من أجل معاقبته قبل أشهر بسبب مقابلته المسؤول الإيراني علي ولايتي ببيروت.
وقال فيلنكز في التقرير، إن ابن سلمان استدعى الحريري إلى الرياض خلال دعوة غداء مع وزيرة الثقافة الفرنسية فرانسيس نيسن ولم يكن بمقدوره رفض الدعوة لأنه “يحمل الجنسية السعودية وشركته سعودي أوجيه لديها مشاريع هناك”.
وأوضح الكاتب أن علاقة الرجلين تدهورت بسبب الحرب بالوكالة مع إيران وتحول كل شيء إلى كارثة منذ 3 أعوام فهناك حرب في اليمن والحوثيون يسيطرون على صنعاء وميليشيا حزب الله تدرب الحوثيين وما زاد الوضع سوءا قيام الإيرانيين بتهريب الصواريخ لليمن من أجل قصف السعودية.
ولفت فيلنكز إلى أن الرياض عولت على الحريري لمواجهة حزب الله نظرا لأنه “سني وله خبرة ولديه مخاوف من حزب الله لكنه ورغم ضغوط ابن سلمان عليه لم يمكن قادرا على مواجهة الحزب”.
وشدد الكاتب على أن “ما أثار غضب ابن سلمان وصول ولايتي لبيروت وتصريحه بأن إيران تنوي مواصلة دورها في المنطقة تلا ذلك التقاطه صورة معه الحريري وهو يبتسم”، بحسب ما ذكره مسؤول أمريكي.
وتابع: “عندها ابن سلمان قرر بأنه يريد عمل أمر ما وقام بدعوة الحريري الذي اعتقد أن الاستقبال سيكون دافئا وبإمكانه حل خلافاته مع ولي العهد”، وفق ما نقله مساعد للحريري لكنه بدلا من ذلك استقبل من المطار إلى الحجز.
ونقل فيلنكز عن مسؤولين أمريكيين ناشطين في المنطقة قولهم إن الحريري احتجز لمدة 11 ساعة قام السعوديون خلالها بإجلاسه على كرسي وأخذوا بصفعه مرارا وتكرارا تلاها ظهوره على قناة سعودية في فيديو يعلن فيه استقالته و”كان مجهدا لا يعلم ما يجري حوله”.
وقالت “نيويوركر” إن اللبنانيين اقتنعوا بأن الخطاب “معد مسبقا” ولفتت إلى “محاولة ابن سلمان لاحقا تجنيد بهاء شقيق سعد الذي يقضي أغلب الوقت في موناكو”.
ووصف مسؤول أمريكي بازر لم تذكر المجلة اسمه حادثة احتجاز الحريري بأنها “مؤامرة من أحمق ما رأيت”.
ويستدرك التقرير بأن هناك إشارات تدل على تنسيق ابن سلمان خططه في لبنان مع ترامب، ومن المحتمل في قمة الرياض، حيث قال مسؤول سابق في المخابرات الأمريكية، ومقرب من البيت الأبيض، إن محمد بن سلمان حصل على الضوء الأخضر للإطاحة بالحريري.
وقال الكاتب إن المسؤولين الغربيين فوجئوا باعتقال الحريري، وبدأوا حملة لإنقاذه، وأصدر ريكس تيلرسون بيانا، قال فيه إن “الولايات المتحدة تدعم الاستقرار في لبنان، وترفض أي تحرك يهدده”، فيما زار إيمانويل ماكرون محمد بن سلمان، وضغط عليه للإفراج عن الحريري.
وأشار إلى قول دبلوماسي غربي، يعلم بالحوار الذي جرى بينهما، إن ابن سلمان افتتح اللقاء مهددا بوقف التعاون التجاري مع فرنسا، طالما لم تقطع علاقاتها التجارية مع إيران, ورد ماكرون بهدوء قائلا إن بلدا كفرنسا حر في التعاون التجاري مع من يريد، وقال الدبلوماسي: “أدار ماكرون الحوار بشكل جيد، بحيث أدى إلى تراجع ابن سلمان”.
وتفيد المجلة بأن الخطة فشلت في النهاية، خاصة أن معظم المؤسسة اللبنانية احتجت على اعتقاله، وعاد الحريري بعد أسبوعين إلى لبنان بعد لقائه المسؤولين في باريس والقاهرة ومن ثم بيروت، حيث استقبل بحفاوة وتعاطف، وقال مسؤول في حزب الله: “اتحد لبنان كله حوله”.
ولفت الكاتب إلى أنه قام بزيارة الحريري بعد أيام من عودته من الرياض داخل مجمعه السكني وبدا بمظهر “أقل من بطل بقدر ما ظهر بشكل سجين سابق” وقال إنه رفض الحديث عما جرى.
وطن اف ام / عربي 21