يواجه “رفعت الأسد” الأخ الأصغر لحافظ الأسد، القضاء الفرنسي في باريس، غدا الإثنين 9 كانون الأول، في قضية “الإثراء غير المشروع” وبناء إمبراطورية عقارية في فرنسا تقدر بأكثر من 90 مليون يورو.
وذكرت “وكالة الصحافة الفرنسية” أن محاكمة رفعت الأسد المقيم في بريطانيا ستستمر حتى 18 من الشهر الحالي، غير أنه لن يحضر “لأسباب مرضية” وفق ما ذكر وكلاء الدفاع عن المدعى عليه.
ويتهم القضاء الفرنسي “رفعت” بـ”تبييض أموال في إطار عصابة منظّمة” للاحتيال الضريبي المشدد واختلاس أموال عامة سورية بين عامي 1984 و2016، وذلك بناء على شكاوى تقدّمت بها منظمتان غير حكوميتين لمكافحة الفساد هما “شيربا” والشفافية الدولية.
وكان رفعت الأسد أحد الأركان السابقين لنظام حافظ الأسد وقائد “سرايا الدفاع” وهي قوات خاصة كان لها دور أساسي في مجزرة حماة أوائل عام 1982 التي راح ضحيتها أكثر من 40 ألف قتيل في إحصائيات غير ثابتة.
وأُرغم رفعت الأسد على مغادرة سوريا إلى المنفى عام 1984 بعد خلاف مع شقيقه حافظ الأسد الذي حكم سوريا منذ 1971 وحتى وفاته في 2000، وقد عاش رفعت في سويسرا أولاً لينتقل بعدها إلى فرنسا.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية يملك رفعت الأسد في فرنسا فقط قصرين وحوالي 40 شقة في أحياء راقية من العاصمة باريس بالإضافة إلى قصر مع مزرعة خيول في فال دواز ومكاتب في ليون وغيرها.
وتقدّر قيمة ممتلكاته في فرنسا بنحو 90 مليون يورو، تُضاف إليها حوالي عشرة ملايين جناها من بيع ممتلكات.
ووضع القضاء الفرنسي يده على هذه الممتلكات التي يمتلك رفعت الأسد معظمها منذ الثمانينات، وتم شراؤها عبر شركات أقيمت لفترة في ملاذات ضريبية وباتت الآن في لوكسمبورغ، وتتم إدارتها عبر حسابات في جبل طارق.
ويعتبر القاضي “رونو فان رويمبيكي” الذي أمر بإجراء هذه المحاكمة، أن أساليب التحايل هذه يُفترض أن تسمح بدفع ضرائب أقلّ وإخفاء مصدر الأموال.
وخلال إقامته في أوروبا مع زوجاته الأربع وأولاده البالغ عددهم 16 ولدا وحاشية يبلغ عدد أفرادها حوالى مئتي شخص، جمع رفعت الأسد الثروة العقارية التي أثارت الشكوك.
يدعي رفعت الأسد أنه جمع ثروته من مساعدة مالية “مستمرة وهائلة” كان يمنحها له العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز منذ أن كان ولياً للعهد، وذلك منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى وفاته عام 2015.
وأثناء التحقيق، قدّم محاموه مستندات تثبت تلقّيه أربع هبات سعودية: الأولى في العام 1984 والثلاث الأخرى بين عامي 2008 و2010.
ولم يحتفظ القاضي إلا بالهبة الأولى وقيمتها 10 ملايين دولار، إلا أنه اعتبرها “غير كافية” فيما رأى أن الهبات الثلاث الأخرى متأخرة جداً لتبرر ثروة تمّ جمعها في الثمانينات.
ويؤكد القاضي أن الأمر استلزم “مئات ملايين الدولارات” لتمويل استثمارات رفعت الأسد الأوروبية وأسلوب حياته، مشيراً إلى أن مصدرها هو “اختلاس أموال عامة” سورية.
ويتّهم شهود عدة رفعت الأسد باختلاس أموال عامة سورية وبالإتجار بقطع أثرية قبل وبعد انتقاله إلى المنفى.
ويرفض رفعت الأسد هذه الاتهامات ويزعم أنها “تستند إلى تحليلات خاطئة تماماً وشهادات متناقضة أدلى بها خصوم سياسيون تاريخيون”.
وتصل امبراطورية رفعت الأسد العقارية حتى بريطانيا في جبل طارق وخصوصاً في إسبانيا حيث يملك أكثر من 500 عقار تقدر قيمتها بـ691 مليون دولار تمت مصادرتها، وهو يواجه أيضاً احتمال محاكمته في إسبانيا.
يرى المحامي في منظمة “شيربا” فينسان برينغارت أن هذه المحاكمة “مهمّة” و”ستفتح المجال” لمحاكمات أخرى تستهدف رفعت الأسد في أوروبا، حتى لو أن هناك “خشية” من سياسة عرقلة عبر عدم الحضور.