اتفقت معظم التكتلات السياسية المعارضة وبعض الفصائل العسكرية على خريطة طريق لإنقاذ سورية تكون مرجعاً في المفاوضات مع وفد النظام في «موسكو -١» بين ٢٦ و٢٩ كانون الثاني (يناير) الجاري، لا تتضمن الإشارة إلى بشار الأسد قبل بدء المفاوضات التي يجب ألا تتجاوز مدتها ثلاثة أشهر وتعكس تفاهماً دولياً – إقليمياً يترجم بقرار دولي تحت الفصل السادس يتضمن نشر مراقبين.
لكن الوثيقة، التي حصلت صحيفة الحياة على نصها، تقترح تشكيل مؤسسات انتقالية بينها حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في الدستور الحالي و مجلس عسكري مناصفة بين الطرفين، لإعادة هيكلة أجهزة الأمن ودمج المنشقين في الجيش النظامي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، إضافة إلى مبادئ دستورية تعترف بـ المكون الكردي ولامركزية إدارية.
وقال منذر خدام الناطق باسم هيئة التنسيق إن الأطراف التي وافقت على مسودة خريطة الطريق تشمل الهيئة بأحزابها الـ ١٢، و تجمع الوطنيين الأحرار الذي يضم 23 فصيلاً سياسياً وعسكرياً، و اتحاد الديموقراطيين، و الائتلاف الوطني السوري، و جبهة التغيير والتحرير، وأحزاب الإدارة الذاتية التي أسسها الاتحاد الديموقراطي الكردي بمشاركة ١١ حزباً، و مجموعة قرطبة التي أسست تكتلاً سياسياً قبل أيام، مشيراً إلى أنه تم تشكيل لجنتين للتحضير للقاء المعارضة في القاهرة يومي ٢١ و٢٢ من الشهر الجاري.
وتتفق هذه الخطة مع وثيقة كان الائتلاف قد قدمها في مفاوضات جنيف في ٩ شباط (فبراير) الماضي في أنها لم تشر إلى الأسد، لكنها تختلف عنها في كون وثيقة الائتلاف ركزت في نقاطها الـ ٢٤ على هيئة الحكم الانتقالية واعتبارها الهيئة الشرعية الوحيدة المعبّرة عن سيادة واستقلال الدولة السورية .
ولم يستمع وفد النظام في مفاوضات جنيف وقتذاك إلى عرض الائتلاف هذه الخطة، مركزاً على أولوية محاربة الإرهاب وتسلسل تنفيذ بيان جنيف .
ونصت الوثيقة على أن الهيئة الانتقالية تمارس كامل السلطات التنفيذية على جميع مؤسسات الدولة وهيئاتها بما فيها هيئات وأجهزة الأمن وفروع الاستخبارات والجيش والقوات المسلحة وقوات وأجهزة الأمن والشرطة بالتراضي التام بحيث تقوم المفاوضات للوصول إلى اتفاق تسوية بين الطرفين واعتباره إعلاناً دستورياً وأن تشرف الهيئة على وقف كامل لإطلاق النار باتخاذ إجراءات فورية لوقف العنف العسكري، وحماية المدنيين، وإرساء الاستقرار في البلاد، مع وجود مراقبين من الأمم المتحدة وأن تملك سلطة اتخاذ قرارات تفضي لانسحاب كل الجهات العسكرية الأجنبية من سورية.
في المقابل، تقع المسودة الأخيرة لـ خريطة الطريق لإنقاذ سورية في ١١ صفحة ترى أنه بسبب إصرار النظام على الحل الأمني بدل الحوار الوطني وتردد المجتمع الدولي في إيجاد حل للأزمة، طال أمد الصراع (…) وباتت سورية ساحة صراع دولي (…) ولن يبقى للرابح ما يربحه وستكون سورية دولة وشعباً الخاسر الأكبر، موضحة أن أسس الحل تقوم على أن الحل العسكري غير ممكن وأن الحل التفاوضي هو السبيل الوحيد لإنقاذ سورية بحيث تجري المفاوضات بين وفدي المعارضة والنظام بحضور ممثلين من المجتمع المدني وأن يمتلك الوفدان صلاحيات كاملة للتفاوض والاتفاق تحت رعاية الأمم المتحدة و بعض الدول العربية والإقليمية والدولية لإشراك الأطراف ذات التأثير، بحيث تنطلق المفاوضات من بيان جنيف وقرارات مجلس الأمن.
وأشارت إلى ضرورة اختيار الوفدين بلداً متوافقاً عليه مكاناً للتفاوض وأن يضعا جدولاً زمنياً وآليات واضحة للتنفيذ بضمانة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وإصدار قرار دولي تحت الفصل السادس.
كما تضمنت هذه الخريطة السمات العامة للنظام السياسي المنشود في البلاد بحيث يكون النظام الديموقراطي ممثلاً للجيش والشرطة والأمن ذات الحق الشرعي الوحيد في حمل السلاح، إضافة إلى إجراءات بناء الثقة خلال فترة التفاوض التي تستمر ثلاثة أشهر، بدءاً من تجميد الصراع المسلح و الطلب إلى جميع المجموعات والأفراد المسلحين من الأجانب الذين يقاتلون إلى جانب النظام أو المعارضة الخروج الفوري من سورية بتأكد مراقبين دوليين وعودة جميع المواطنين والنشطاء والسياسيين إلى سورية من دون أي مساءلة أمنية» وإطلاق المعتقلين و إلغاء أحكام محكمة الإرهاب بعد ٢٠١١.
وأضافت: بعد تجميد الصراع وتقدم المفاوضات، يتم التفاوض لجمع المسلحين من الطرفين في معسكرات خاصة ريثما يتم الاتفاق على إعادة هيكلة الجيش والقوى الأمنية. بحيث تتابع اللجنة الخاصة بتجميد الصراع تنفيذ ذلك بإشراف مباشر من الأمم المتحدة وفريق المراقبين.
مؤسسات انتقالية
وتضمنت خريطة الطريق عرضاً لــ مؤسسات المرحلة الانتقالية ، التي تشمل قيام مجلس وطني من المعارضة و أطراف من النظام والمجتمع المدني بهدف التشريع والرقابة على الحكومة المشكلة في الفترة الانتقالية و وضع ميثاق وطني لسورية المستقبل وإعلان دستوري موقت والتوافق على ترتيبات الانتقال إلى نظام ديموقراطي، إضافة إلى هيئة قضائية عليا انتقالية من القضاة المستقلين.
وتقترح الوثيقة تشكيل حكومة انتقالية من المعارضة والنظام والمجتمع تتمتع بالصلاحيات الواسعة الممنوحة لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء في الدستور الحالي تتولى الإدارة التنفيذية وتعلن حال تشكيلها أن هدفها إقامة نظام ديموقراطي تعددي تداولي ، إضافة إلى مجلس عسكري موقت يشكل مناصفة من ضباط من الجيش النظامي والضباط المنشقين المؤمنين بالحل السياسي بحيث يعمل تحت إمرة قيادة الحكومة الانتقالية وتخضع له جميع القطعات العسكرية.
ويطلب من جميع القوات النظامية الخروج من المدن وتبدأ عملية دمج القوات في جيش واحد ومعالجة مشكلة المدنيين المسلحين التابعين للنظام أو المعارضة (…) والمساهمة في التحالف الدولي في مكافحة داعش وأي مجموعات مسلحة تتحالف معها أو تستمر في القتال وترفض الحل السياسي.
وفي ما يتعلق بـ مؤسسة الرئاسة خلال المرحلة الانتقالية، أشارت الوثيقة إلى أنه يتم التفاوض بين الوفدين على مؤسسة الرئاسة وصلاحياتها وشاغلها. كما تضمنت اقتراحاً بـ تشكيل هيئة استشارية انتقالية و هيئة المصالحة الوطنية و إجراءات أساسية في المرحلة الانتقالية التي تشمل تعطيل الدستور الحالي و فصل حزب البعث عن جميع أجهزة الدولة بما فيها الجيش والقوى الأمنية و إكمال الإجراءات المتعلقة بالشروع في (إعادة) هيكلة أجهزة الأمن وتنظيم عملها وفق المبادئ الدستورية التي ألحقت بالوثيقة و إعادة هيكلة جهاز الشرطة و إطلاق برنامج لإعادة الإعمار وعقد مؤتمر للمانحين وتكوين فريق لـ إعداد مسودة دستور جديد يقره المجلس الوطني الانتقالي ثم يعرض للاستفتاء العام بإشراف الأمم المتحدة على أن تنتهي المرحلة الانتقالية بإجراء انتخابات عامة محلية وتشريعية ورئاسية وفق الدستور الجديد، شفافة ونزيهة ومراقبة دولياً، وتشمل مؤسسات الحكم في ضوء نتائجها وتفضل أطراف التوافق أن تتحدد الدورة الانتخابية لجميع المؤسسات بأربع سنوات فقط.
ودعت الوثيقة إلى أن يقوم المبعوث الدولي بـ التشاور لتشكيل الوفدين المفاوضين وأن يشارك في عملية التفاوض مندوبون من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وتركيا وإيران ومصر والسعودية والعراق والأردن والاتحاد الأوروبي، بالتزامن مع إجراءات دولية تتضمن توافقاً منها والدول الإقليمية على تفسير بنود بيان جنيف وإصدار ذلك بقرار دولي وفق الفصل السادس وقرار آخر لوقف النار وثالث لحظر تصدير السلاح إلى أطراف النزاع خلال المرحلة الانتقالية.
وتضمنت الوثيقة مبادئ عامة للدستور بينها أن الشعب واحد وأنه حر وسيد على أرضه وهو مصدر المشروعية لجميع مستويات الحكم، إضافة إلى أن الدولة تقر بوجود مكون قومي كردي ضمن مكوناتها وبحقوقه القومية المشروعة (…) وتعتبر الوجود القومي الكردي جزءاً أصيلاً من الشعب السوري وقيام مؤسسات الحكم على أساس الانتخابات الدورية والفصل بين السلطات و إقرار الدستور النظام الديموقراطي البرلماني التعددي واعتبار الجيش السوري المؤسسة الوطنية التي تحمي البلاد وتصون استقلالها وسيادتها على أراضيها وتحرص على الأمن القومي ولا تتدخل بالسياسة مع اعتماد مبدأ اللامركزية الإدارية.
ومن المقرر أن يعقد حوالى ٧٥ شخصية من الائتلاف و الهيئة اجتماعاً في العاصمة المصرية للاتفاق على إعلان القاهرة شرط استبعاد الإخوان المسلمين و إعلان دمشق، وذلك بعد الإعلان عن أعضاء الهيئة الرئاسية الجديدة لـ الائتلاف في ختام اجتماع الهيئة العامة في اسطنبول. وتعقد في الإمارات اجتماعات لـ الهيئة تمهيداً للقاء القاهرة.
وطن اف ام – الحياة