أدت الاشتباكات التي حصلت في الشمال السوري بمدينة ادلب الأسبوع الماضي بين المجموعات الجهادية إلى زيادة رقعة سيطرة جبهة النصرة في المحافظة.
وكانت روسيا قد صرحت عن إنشاء منطقة تخفيف تصعيد في ادلب، وكل هذه التطورات عززت انطباع أن مدينة ادلب ستكون بالفترة المقبلة في مكان حاسم جداً داخل الحرب السورية.
وقمنا بالإجابة على أربعة أسئلة حول ادلب من بعد التطورات التي حصلت:
لماذا ادلب مهمة ؟
ادلب هي محافظة تقع في الشمال السوري عند الحدود التركية وتأتي أهميتها عند فصائل المعارضة بسبب وجود منفذ باب الهوى الحدودي مع تركيا.
ولديها حدود مع منطقة عفرين التي يسيطر عليها ميليشيا “ي ب د” الكردية في الشمال السوري وشمال شرقي مدينة ادلب هناك مدينة حلب أما غرب المدينة وجنوبها فهناك مدينة حماة واللاذقية التي يسيطر عليها قوات نظام الأسد.
ويشن هجمات من محافظة اللاذقية على مدينة ادلب، وادلب هي المحافظة الوحيدة التي تقع بأكملها خارج سيطرة النظام.
ففي عام 2015 أسست عدة مجموعات من فصائل المعارضة بنية موحدة أسمتها جيش الفتح وكان الغطاء الأكبر فيها لجبهة النصرة وأحرار الشام واستطاع جيش الفتح السيطرة على المحافظة بأكملها.
وفي الفترة التي تلت ذلك أدت اتفاقيات وقف إطلاق النار في حلب ودمشق وحماه وحمص من انتقال قوات المعارضة الموجودة في هذه المدن إلى محافظة ادلب.
وينظر إلى ادلب على أنها حصن مكون من القوات المعارضة في مواجهة قوات نظام الأسد.
ما هو سبب الاشتباكات في ادلب ؟
بعد عام 2015 بدأت ادلب تدار من قبل مجموعات مختلفة بشكلٍ مشترك، وكانت أكثر الفصائل فاعلية بين هذه المجموعات هي جبهة النصرة وأحرار الشام، وكانت التوترات الحصلة بين الفصيلين قد بدأت بالتحول إلى اشتباكات.
في عام 2016 قامت جبهة النصرة التي انفصلت عن تنظيم القاعدة وغيرت اسمها ليصبح جبهة فتح الشام بتأسيس هيئة تحرير الشام مع بعض الفصائل الجهادية.
ويعتقد أن الصدام الذي حصل مؤخراً ما بين هيئة تحرير الشام وأحرار الشام يعود لأسباب مختلفة.
وعلى الرغم من أن التنظيمين يتبعان للخط الجهادي إلا أنهما يملكان أسلوبا حرب ووجهات نظر في المفاوضات مختلفة وأهم العناوين التي جرى الاختلاف فيها هي من سيكون المسيطر الفعال في محافظة ادلب وعدا عن كل ذلك فإن وجهات النظر تجاه عملية أستانا كانت من شأنها أن تزيد من حدة التوتر.
وعلى الرغم من أن أحرار الشام لم تشارك بعملية أستانا إلا أنها تعمل مع فصائل الجيش السوري الحر تحت مظلة واحدة وعلاقتها جيدة مع تركيا وبذلت جهداً في الفترة الأخيرة لكي يتم قبولها في المجتمع الدولي مما أدى الى تفريقها عن جبهة النصرة.
وصرحت أحرار الشام في حزيران عن اعتمادها بجانب علمها لعلم الثورة السورية ذو الثلاث نجوم الذي يستخدمه الجيش السوري الحر فكان ذلك تطوراً كبيراً يحوي على رمزية التقارب السياسي الحاصل بين أحرار الشام والجيش السوري الحر.
“جبهة النصرة” يتوضع اسمها على قائمة الإرهاب لدى الامم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة الاميركية وتركيا.
أما أحرار الشام فليست ضمن لائحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة ولا للولايات المتحدة ولا تركيا
واستثنت عملية أستانا كل من جبهة النصرة وتنظيم داعش من التنظيمات التي سيتم الوقف عن استهدافها.
ماذا نتج عن الاشتباكات ؟
استمرت الاشتباكات لمدة 3 أيام فقد فيها 92 شخصاً حياتهم وانتهت بإعلان وقف إطلاق النار واتفقت الأطراف المشاركة بالاتفاق على ترك الرهائن الموجدة لديهم.
ومع وقف إطلاق النار انسحب قسم من قوات أحرار الشام إلى جنوب مدينة ادلب في منطقة قريبة من مدينة حماه.
ولكن موضوع تسليم أحرار الشام كل محافظة ادلب لهيئة تحرير الشام ليست بالمعلومة المؤكدة.
ومع ذلك فقد أوضحت تقارير المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يقع مقره في لندن أن هيئة تحرير الشام تسيطر على 70 بالمئة من المحافظة.
اعلن تنظيم نور الدين زنكي انفصاله عن هيئة تحرير الشام من بعد المعارك التي حصلت.
وانفصلت 6 مجموعات عن أحرار الشام وانضمت لهيئة تحرير الشام.
ما الممكن حدوثه في ادلب من بعد الان ؟
ترى القوات الدولية أن جبهة النصرة تشكل ثاني أهم تهديد من بعد تنظيم داعش
ومنذ عام 2015 وروسيا تدعو لقطع جميع الفصائل الأخرى علاقتها مع جبهة النصرة.
وسيطرت هيئة تحرير الشام على المحافظة بأكملها من الممكن أن يجعل ادلب هدفاً لقوات نظام الأسد وروسيا وقوات التحالف.
ومع انشغال قوات النظام بالقتال على عدة جبهات ومع استمرار عملية الرقة من غير المرجح قيامها بعملية برية في ادلب.
وتركيا هي من ضمن الاحتمالات الموجودة على القائمة التي من الممكن أن تستهدف جبهة النصرة إما بشكلٍ مباشر أو عن طريق قوات الجيش السوري الحر الذي تدعمه.
واحتمال قيام عمل عسكري في مدينة ادلب يحمل في طياته سؤالاً عن مصير مئات آلاف المدنيين الذين يعيشون في المدينة وكيف سيؤثر ذلك عليهم مع احتمالات حدوث موجة جديدة من الهجرة.
هيئة تحرير الشام تظهر وكأنها مصرة على استمرار الحرب وكان عنوان آخر تصريح لها هو “الثورة مستمرة” فكان هذا التصريح سبب تشكيل دعوى لجميع فصائل المعارضة ورجال الدين للجلوس معاً من اجل مناقشة مستقبل الثورة السورية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في آخر بيان لها انها تواصل العمل على خطة مناطق تخفيف التصعيد في ادلب، وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن قد قال في تصريح بخصوص منطقة تخفيف التصعيد أنه من الممكن ان تشمل العملية نشر قوات تركية في مدينة ادلب “من المحتمل أن نعمل على ألية يكون من خلالها الوزن لنا وللروس في منطقة ادلب وفي أطراف دمشق للروس وللإيرانيين وفي الجنوب في منطقة درعا للولايات المتحدة والاردن “.
وتفعيل هذه الخطة معناه اقتلاع هيئة تحرير الشام من مدينة ادلب، ويبقى انخراط قوات النظام في العملية بإدلب أمراً ليس واضحا.
وكيفما تشكلت التوازنات فلتتشكل ولكن من الواضح جداً ان مدينة ادلب ستشكل في الفترة المقبلة أكثر المناطق أهمية في الملف السوري.
بي بي سي تورك ، ترجمة وتحرير وطن اف ام