الرقةمقالات

القدس العربي – ماذا تخبئ معركة الموصل من مفاجآت؟

انطلقت فجر أمس الاثنين معركة السيطرة على مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، لتخليصها من هيمنة تنظيم «الدولة الإسلامية» منذ حزيران/يونيو 2014 بعد أن استكملت قوى كبرى وإقليمية ومحلّية استعداداتها العسكرية التي مهّدت لها طويلاً بعمليات جوّية واستخباراتية معقدة قامت باستنزاف قوى التنظيم الماليّة ومصادر ثروته واستهداف قادته وتحطيم معنويّات عناصره وبث البيانات والدعايات الداعية للمقاومة وقتل جنود التنظيم.

الأخبار الأوّلية القادمة من داخل الموصل والحشود المحيطة بها تؤكد على تراجعات ملحوظة للتنظيم المتطرّف ولكنّ بعضها يحتمل تأطيره ضمن سياق «الحرب المعنوية»، ومن ذلك حديث مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان عن تطهير 200 كيلومتر مربع من سيطرة التنظيم خلال اليوم الأول من الحملة.

الأطراف المشاركة في الحملة طرحت أرقاما كبيرة ومنها أن عدد الطائرات المشاركة التابعة للتحالف الدولي هو 88 طائرة إضافة إلى 48 طائرة تابعة للجيش العراقي، وأن المعركة تتضمن أكثر من 30 ألف جندي ومسلّح من قوّات من الجيش والشرطة العراقيين إضافة إلى القوات الكردية «البيشمركه» و«الحشد الشعبي» الشيعي و«الحشد العشائري» السنّي، والقوّات الأمريكية (وصل عديدها في العراق إلى 5200 جندي) والبريطانية والفرنسية الخاصة، في مواجهة أربعة إلى ستة آلاف مسلّح لتنظيم «الدولة الإسلامية» يسيطرون على مدينة فيها ما يقرب من 700 ألف إلى مليون و800 ألف مدني.

المعركة حتى الآن، ورغم المناوشات التي شملت بعض عمليات القوات الخاصة والقصف الجوّي والمدفعي والصاروخي وصدّ بعض عمليات السيارات المفخخة للتنظيم، تعطي انطباعاً بأنها خطة مرسومة على الورق فحسب، وتظهر هذه الخطة أدوارا محددة لكل من القوّات المشاركة، بحيث تخفي الانقسامات والمخاوف العميقة التي تسود بين الأطراف المحتشدة.

يكشف ذلك مثلاً التصريح الذي أطلقه أحد قادة «الحشد الشعبي»، قاسم الخزعلي، والذي هدد فيه أهل الموصل معتبراً المعركة الجارية «ثأراً وانتقاما من قتلة الحسين لأن هؤلاء الأحفاد من أولئك الأجداد»، فيما قال آخر، حامد الجزائري، بأن حيدر العبادي والجيش العراقي والحشد كلهم يأتمرون بأوامر قاسم سليماني وإيران، وهي تصريحات تكشف، بشكل أو بآخر، مرجعيّات هؤلاء وطموحاتهم من المعركة الجارية.

صمت أطراف أخرى، كحزب العمال الكردستاني، والبيشمركه، والحشد العشائري، لا يعني أن هؤلاء لا يحملون أهدافهم الخاصة المتعارضة التي تخفيها قعقعة القصف وغبار المعارك المقبلة.

الأتراك، الذين حُرموا من المشاركة في المعارك، يقفون بدورهم متأهبين متابعين لمجريات المعركة، وقد أكّد رئيسهم رجب طيب أردوغان أمس أن فصل تركيا عن عملية الموصل أمر غير وارد وأنها لا تتحمل نتائج أي عملية لا تشارك فيها.

وفيما تتجهّز كل هذه الأطراف للتأثير في مجريات معركة الموصل يخفي تنظيم «الدولة» أوراقه ويستعدّ، على ما يبدو، لمعركة طويلة، يتوقع بعض المسؤولين الأمريكيين والإعلاميين أن تمتد من أسابيع إلى شهور.

المشهد إذن، ليس بالنظام الدقيق الذي ترغب الحكومة العراقية أن توحي بوجوده، والقوى الإقليمية والمحلّية المتحدة نظريّاً في القتال ضد تنظيم «الدولة»، تتحضّر لأي انقلابات كبيرة لصالح طرف أو آخر، وهو ما يوحي بأن مفاجآت عديدة تنتظر الكثيرين.

المصدر : القدس العربي 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى