حلبمقالات

روزانا بومنصف – أي دلالات لغياب التغطية الجوية في حلب؟

في موازاة الزيارة المفاجئة “السارة” لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو لدمشق وفق ما اعتبرها الرئيس السوري بشار الاسد بحسب فيديو بثه موقع “روسيا اليوم” عن اللقاء وذلك لرغبة الاسد في لقاء مسؤول اعلى من رئيس الاركان الروسي الذي كان زار دمشق اخيرا ورفع تقريره الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي اوفد وزير دفاعه، حرصت وزارة الدفاع الروسية على الاعلان عن اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة عن تنسيق افضل بينهما في سوريا على اثر غضب واشنطن من تعمد روسيا قصف مواقع للمعارضة السورية المعتدلة التي تحارب تنظيم الدولة الاسلامية قرب حلب.

وفيما لن تؤكد واشنطن ذلك في الوقت الذي نفت اكثر من مرة اتفاقات مماثلة اعلنت عنها موسكو بهدف الضغط على واشنطن مما يوصل الى فتح باب للتعاون او التنسيق للاهداف نفسها بين الجانبين، فان روسيا تعطي الانطباع لمراقبين ديبلوماسيين انها تدير الوضع في سوريا وفق ما يناسب مصالحها وحدها بمحاولة الضغط على الولايات المتحدة او على الاطراف الاخرين للوصول الى اهدافها.

فتظهر انها تمسك العصا من منتصفها في ادارة موقعها في الحرب السورية التي تشارك فيها ايران ونظام الاسد دفاعا عن الاخير ومنعا لانهياره بين الاضطرار الروسي الى ابقاء التواصل مع الاميركيين وعدم اغضابهم كثيرا نظرا الى عدم قدرة روسيا على الاستفراد باي حل سوري وبين مراعاة موسكو لحتمية التحالف الموضوعي مع ايران في الدفاع عن النظام.

فروسيا اغضبت في اسبوع واحد اميركا من جهة باستهدافها مواقع المعارضة المعتدلة واصابة عناصر منهم في خضم تمديد دول في الاتحاد الاوروبي العقوبات ضد روسيا، واغضبت ايران ايضا ومعها الميليشيات الشيعية التي تحارب في فلكها ومن بينها “حزب الله” لما سرى عن عدم مساندة روسيا هذه الجهات التي يقودها الحرس الثوري الايراني في المعارك في ريف حلب الجنوبي بغطاء جوي مما ادى الى سقوط عدد كبير من عناصرهذه الجهات هناك وفق التقارير التي صدرت في الايام القليلة الماضية وحددت بالاسماء عددا كبيرا من القتلى. وهذا الانزعاج الايراني مرده وفق المراقبين انفسهم الى ان اجتماعا كان عقد في العاشر من الجاري في طهران بدعوة من وزير دفاعها وجمع اليه كلا من وزير الدفاع الروسي ووزير الدفاع لدى النظام السوري من اجل تنسيق المواقف كما قيل.

وهذا الاجتماع في طهران اعقب استياء ايرانيا من عدم تقديم روسيا مساندة جوية للقوات التي يقودها الحرس الثوري في معارك خان طومان التي وقعت في شهر ايار الماضي وادت الى وقوع عدد كبير من القتلى بين ” القبعات الخضر” الايرانيين تجاوز 13 قتيلا ووقوع اخرين في الاسر. ومن الواضح بالنسبة الى المراقبين المعنيين ان روسيا تحاول ان تميز نفسها عن الاجندة الكاملة للنظام ولايران اللذين دأبا على استهداف حلب منذ الخريف الماضي على اثر الدخول العسكري الروسي المباشر في الحرب السورية منعا لانهيار النظام الذي كان على وشك ان يحصل. وينقل عن مسؤولين روس رفضهم الكلي لمحاولة اتهامهم بانحيازهم الى فريق مذهبي معين في المنطقة في اطار الحرب السورية في خضم الصراع القائم بين ايران الشيعية ودول المنطقة السنية خصوصا دول الخليج التي فتحت خطوطا واسعة ومتعددة مع موسكو لن ترغب في اقفالها. وهذا لا يعني بالنسبة الى المراقبين ان روسيا قد تمانع في ان يستعيد النظام حلب وفق ما يعتقد كثر ان المسألة هي في اطار رسم حدود سوريا المفيدة او من اجل تعزيز اوراق النظام في التفاوض لاحقا.

كما يعتقد هؤلاء ان المسألة المتعلقة بحلب قد تتخذ بعدا جديا اكثر في الاشهر القليلة المقبلة بعد دخول الولايات المتحدة في نقطة اللاتوازن بين رحيل ادارة وتسلم ادارة جديدة الحكم السنة المقبلة خصوصا في ظل منحى ديبلوماسي عبرت عنه مذكرة وقعها خمسون من الديبلوماسيين وموظفي وزارة الخارجية الاميركية حول ضرورة قيام الولايات المتحدة بالضغط عسكريا على بشار الاسد للجلوس الى طاولة المفاوضات. فالاصرار الايراني تحديدا على خوض معركة حلب لتأمين اعادة سيطرة النظام عليها لا تتصل بهذا الهدف فحسب بل يتصل باهداف ايرانية ايضا في الوقت الذي تظهر موسكو اكثر فاكثر اهميتها بالنسبة الى الدول العربية والغرب من ان امتناعها عن تأمين الغطاء الجوي للقوات التي تدعمها ايران في الحرب على حلب هي التي تمنع سيطرة تقدم هذه القوات. ومن هنا يكتسب الدور الذي تقوم به موسكو اهمية مضاعفة ان بالنسبة الى النظام وداعميه او بالنسبة الى الدول الغربية وواشنطن علما ان حلب تختصر راهنا في المعارك التي تجري فيها مجمل الصراع في سوريا وعليها ايضا.

يظهر الروس اكثر فاكثر للنظام وايران على حد سواء انهم اذا سحبوا دعمهم او لم يقدموه كتأمين الغطاء الجوي للمعارك فان الاثنين يسقطان كما يحصل في حلب وريفها منذ الخريف الماضي وهذا يسري على ايران التي سبقت ان استعانت بروسيا في الصيف الماضي كما على النظام انطلاقا من انه اذا سحبت روسيا يدها فان النظام يسقط حكما. ولذلك ليس واضحا اذا كان كل ما جرى اخيرا يشكل ردا على اجتماع طهران الاخير وما تعنيه دعوتها الى اجتماع ثلاثي من اساس مرجعيتها في هذا الاطار. فثمة صعوبة حقيقية في التفاوض مع طهران يقول مطلعون حول كل الملفات ومن بينها الموضوع السوري وهذا يشمل روسيا كما سواها.

المصدر : النهار 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى