عندما هربت يسرى مارديني (18 سنة) مع أختها في آب 2015 من جحيم سوريا وبدأت رحلة شاقة طويلة عبر لبنان وتركيا واليونان والبلقان فأوروبا الشرقية وصولاً إلى المانيا، كانت قد فقدت الثقة بوعود العالم بحل قريب لمأساة بلادها. وعندما كاد يغرق القارب المطاط الذي ركبته مع مواطنين كثيرين لها هربوا من مصير مشؤوم ، في مياه المتوسط بين تركيا واليونان، قفزت مع أختها في البحر وساعدت في إرشاد القارب إلى شاطئ الأمان. يومذاك لم يخطر ببالها أن شجاعتها تلك ستتحول إنجازاً لها ولكثيرين من مواطنيها.
من مخيم للاجئين في المانيا، شقت يسرى، ابنة داريا التي تحدت الموت والاعتقال، طريقها الى الالعاب الاولمبية في الريو حيث تشارك الجمعة في سباق المئة متر.
وعلى خطى هذه الشابة السورية التي انتفضت على واقع مرير وواجهت الموت بشجاعة، تحدى الحلبيون في عطلة نهاية الأسبوع القذائف والصواريخ والبراميل، وخرجوا الى الشوارع يفكون حصاراً فرضته عليهم قوات النظام بمساعدة روسيا وإيران وبتواطؤ العالم أجمع.
أضرم أولاد المدينة النار في دواليب ليربكوا مقاتلات تدك بيوتهم واحياءهم بلا رأفة ولا رحمة. وبستارهم الدخاني، فرض هؤلاء حظراً جوياً تلكأت دول العالم في اعتماده منذ أكثر من خمس سنوات، ونجحوا الى حد كبير في تخفيف الضغط عن مدينتهم التي أحكم النظام وأعوانه الحصار عليها، وسط تهديدات جوفاء فارغة من الحلفاء المفترضين.
كان الأول من آب موعداً لبدء عملية انتقالية سياسية في سوريا، إلا أنه مرَّ كغيره من المواعيد والخطوط الحمر والصفر التي رسمتها واشنطن، فاندثرت العملية تحت براميل النظام وحلفائه. والعواقب التي لوح بها وزير الخارجية الاميركي جون كيري في أيار الماضي للرئيس السوري بشار الأسد، إذا لم يلتزم الوقف الجديد للنار وخصوصاً في حلب، تبخرت، شأنها شأن سابقاتها. يومها قال كيري حرفياً إن الموعد النهائي للانتقال السياسي هو “الأول من آب ونحن في أيار، لذا إما أن يحصل شيء ما في الشهرين المقبلين، وإما ان يواجهوا مساراً مختلفاً جداً “.
لم يتوقع أحد بالطبع عملاً عسكرياً أميركياً ضد الأسد، لكن تصريحات كيري تلك أوحت بتغيير محتمل من حيث دعم المعارضة السورية، لكنّ شيئاً من ذلك لم يحصل. سقطت تهديدات كيري، شأنها شأن الخطوط الحمر للرئيس باراك أوباما، سقوطاً مدوياً. ووحدهم السوريون المصرون على الانعتاق من أسر النظام غيروا “المسار” عشية الاول من آب.
المصدر : النهار