حلبمقالات

موناليزا فريحة – الإرهابيون الذين فكّوا حصار حلب!

لا يشغل بال الحلبيين كثيراً تصنيف النظام السوري وحلفائه والغرب كله، لأولئك المسلحين الذي انتزعوا المبادرة، وإن موقتاً، في شمال سوريا. بالنسبة إليهم، صار هؤلاء أبطالاً نجحوا في قلب زخم قوات النظام التي تمكنت الأسبوع الماضي من إطباق الخناق على 300 ألف مدني يعيشون في شرق حلب، بعد أشهر من القصف والغارات.

لا حرج عند سكان الأحياء المحاصرة إذا كان هؤلاء من “جبهة فتح الشام” أو “حركة أحرار الشام” أو غيرهما… هم متأكدون من أن من يحاربون على الجبهة الأخرى ليسوا هلالاً أحمر، وبراميلهم المتفجرة وغاراتهم العمياء ليست أقل فتكاً من العمليات الانتحارية لـ”جيش الفتح” وغيره. ولا شيء يضمن لهم أن سُحنات أفراد الميليشيات الإيرانية والعراقية والأفغانية واللبنانية الذين يقاتلون نيابة عن النظام، أكثر هيبة من أولئك الذي نشرت وسائل الاعلام الغربية صورهم لتقول إن الانتصار الوحيد على النظام في سوريا منذ أكثر من سنة أحرزه متطرفو “القاعدة”.

نجح هؤلاء السلفيون والمتطرفون في فك طوق كان ينذر بكارثة إنسانية. هذا بذاته إنجاز لمن يعيش تحت الحصار. إنجاز تلكأت أميركا في فرضه، على رغم تقديمها تنازلات كثيرة لموسكو من غير أن تنجح في انتزاع تعهد منها لوقف قصف حلب.

وبالطبع ليست “مناقبية” “جيش الفتح” أو جهوزيته هي التي أدت بين ليلة وضحاها إلى فك الطوق. فقد حصل هؤلاء بالتأكيد، وعلى رغم تصنيفهم إرهابيّين، على دعم خارجي أتاح لهم قلب المعادلة ولو موقتاً. وأوردت صحف عدة، بينها “الفايننشال تايمس” أن قوات المعارضة زُوّدت أسلحة جديدة وأموالاً قبل القتال وخلاله. وعلى ذمة ناشط سوري “كانت ثمة عشرات الشاحنات المحملة أسلحة على الحدود بين تركيا وسوريا، وهذا الأمر كان يحصل يومياً منذ أسابيع”، موضحاً “أننا لسنا نتحدث عن ذخيرة وبنادق فقط”.

لا أحد يتوهّم أن “الملحمة” كانت حاسمة في حلب، أو أن هذا الاختراق لن يقابله اختراق مضاد. اللعبة هناك لا تزال طويلة والحشود التي دفع بها النظام وحلفاؤه، إضافة إلى الغارات المكثفة، تؤذن بمزيد من النزف والكر والفرّ. لكنّ المؤلم أن يبقى مصير سوريا معلقاً على الدعم الخارجي لهذا الفريق أو ذاك، ويبقى مصير شعب بكامله رهناً بقوى كبرى قادرة على تحويل الإرهابي بطلاً والبطل إرهابياً، تبعاً لحساباتها ومصالحها التي لا تمت الى الميدان السوري والشعب السوري بأي صلة.

المصدر : النهار 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى