حمصمقالات

عبد الوهاب بدرخان – القُصَير… لم نرَ لم نسمعْ لم نعلمْ!

بعد اسبوع يحلّ عيد الاستقلال، وهو موعد بات رمزياً ومفصلياً للتوصل قبله أو عشيّته الى التشكيلة الحكومية الجديدة. وبالطبع سيكون هناك عرض عسكري للجيش اللبناني استحالت اقامته خلال العامين الماضيين بسبب عدم وجود رئيس للجمهورية، أما هذه المرّة فهناك رئيس وقد يكون الى جانبه رئيسا الحكومة المستقيل والمكلّف، اذا تعذّرت ولادة الحكومة قبل هذا العيد.

استبق “حزب الله” المناسبة بعرض عسكري في القصَير السورية، معلناً للمرّة الأولى “استقلاله” عن الاستقلال اللبناني، ومكرّساً تدخّله في سوريا بـ “شرعية” ايرانية – أسدية. هذه أولى النتائج الوقحة للتسوية التي أنهت الشغور الرئاسي وحققت لـ”الحزب” ما انتظره لينتقل الى المرحلة التالية من خطّته للربط الاحتلالي بين لبنان و”سوريا المفيدة”، التي يبدو أنه المستفيد الأول منها.

لم يُقِم “حزب الله” عرضه في الضاحية الجنوبية لزوم “تغطية” اللعبة الداخلية، فأطراف التسوية الرئاسية قررت أن تتعامل مع وجوده في سوريا على طريقة “لم أرَ لم أسمع لم أعلم”. ثم إن الضاحية استهلكت شعار “المقاومة” وأفرغته من كل مضمون، أما القصَير فكانت فاتحة الفتوحات بالقتل والتدمير والتهجير التي لم يدنْها المرشّح الرئاسي في حينها وليس له أن يدينها اليوم وقد أوفى له “الحزب” بـ “وعده”.

ترك “حزب الله” الوسط السياسي يتخبّط داخل “8 و14 آذار” وبينهما، حول الاستيزار والحقائب. وقبل ذلك وزّع “الفيتوات” و”المباركات” يمنة ويسرة، وكلّف شريكه في “الثنائي الشيعي” السهر على احترامها، لتأكيد أنه المرجع الاحتكاري لإعطاء شهادات “اللبنانية” و”الوطنية”، وأن ارادته وحدها تحدّد مواقع القوى السياسية وأدوارها… فلا عزاء لمن يهتفون لـ “صُنِع في لبنان” أو للمبشّرين بنهاية “عهد الوصاية”.

لم نرَ لم نسمع لم نعلم… فيوم الثلثاء الماضي تلقّت ايران انتخاب دونالد ترامب كنبأ سيئ، ويوم الجمعة طالب الأمين العام للأمم المتحدة “حزب الله” وأطرافاً لبنانية اخرى بـ “وقف أي مشاركة لها في النزاع السوري”، ويوم الاحد ردّت ايران و”الحزب” بعرض عسكري داخل الاراضي السورية. كان بان كي – مون حذّر من أن تدخّل “حزب الله” في سوريا ينتهك القرار 1701 ويعرّض لبنان لـ “خطر جسيم” تصعب معه “حمايته من عواقب الأزمات الاقليمية”… لكنه لم يستحق ردّاً لا من “الحزب”، ولا من وزارة الخارجية أو أي مرجع لبناني رسمي. وكأن “العهد الجديد” شيمته الصمت.

حتى اسرائيل لم تعلّق على حدث القصَير وقد تفعل لاحقاً، وقد استبقها إعلام “حزب الله” باعتبار العرض “رسالة قوية” ضدّها، بل حرص على تعداد ما استعرضه من أسلحة، مع اشارة الى أن بعضاً منها “يخلّ بالتوازن”. لكن ما لم يخطر في ذهن هذا الاعلام أن عرض القصَيْر هو أولاً وأخيراً رسالة احتقار واستفزاز للشعب السوري، بمقدار ما أنه يضاعف تهميشه الدولة والجيش في لبنان.

المصدر : النهار 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى