أخبار سورية

القدس العربي .. تعدد الوظائف للشخص الواحد أمر معتاد لدى الأوساط المعارضة السورية والتي تحولت لـ “دكاكين عائلية”

هناك فرضية يدافع عنها أصحابها تفيد بأن كل من يعمل في صنعتين في آن واحد كذاب، هذا في حال كانت الصنعتان متباعدتين أي ليستا من جنس واحد، ولكن إن كانتا من جنس واحد فما هو رأي أصحاب هذه الفرضية هنا، ومع أن أمر هذه الفرضية لم يحسم بعد، إلا أن الكثير من الأوساط السورية غارقون فيها، ومن بعض مفارقات الواقع المعارض السوري أن تلتقي كثيراً بشخص يعمل لأكثر من جهة ويتقاضى أكثر من أجر شهرياً، وخصوصاً من العاملين في المجال الاغاثي، تزامناً مع كثرة المؤسسات الدولية الخيرية منها والخدمية العاملة في هذا المجال، بينما لا يتلقى الكثير من العاملين الحقيقيين، أو من يوصفون بأنهم من صغار الكسبة في البلديات والمجالس المحلية وغيرها مستحقاتهم المالية بحجة غياب الدعم.

ففي الوقت الذي يبحث فيه الكثير من السوريين عن مورد للرزق ولو كان متواضعاً، يؤمن لعائلته أدنى متطلبات الحياة الكريمة، يصل مجموع ما يقبضه سوري آخر حوالي الـ4000 دولار أمريكي شهرياً، وهو مبلغ شبه خيالي في الحالة السورية الراهنة، وليس بالضرورة أن يكون هذا الشخص متمتعاً بمؤهلات تؤهله عن قرينه ذلك السوري الباحث عن عمل، لكنه قد يتمتع بشبكة علاقات قوية، ومستغلاً غياب المركزية عن المؤسسات التي يعمل بها، التي تحول الكثير منها إلى «دكاكين عائلية»، يتصرف المسؤول فيها وكأنها مشروعه الخاص، يديرها بإرادته، ويوظف فيها من يشاء، على أسس الولاء والقرابة، لا على أسس التخصص والكفاءة.

محمد بدر الدين، الموظف في إحدى الجمعيات التي تعنى بالشأن الانساني السوري، حمّل الفوضى مسؤولية كل ما يجري، معتبراً ما يجري إجراما بحق الشعب السوري، مبيناً أن هذه المؤسسات تتلقى دعمها على حساب آلام الشعب السوري.

وأوضح أن الكثيرين باتوا موظفين لدى جهتين إن لم يكن أكثر في نفس الوقت، بالتالي هم يدخلون في حالة من جمع الأموال والاثراء، على حساب مقدرات الشعب السوري، لكنه دافع في الوقت نفسه عن النشاط لدى بعض الاشخاص، واعتبره أمراً مباحاً إن كان لدى جهات خاصة لا جهات دولية مهتمة بالشأن السوري على حد قوله.

ورصدت صحيفة القدس الكثير من حالات تعدد الوظائف من خلال شهادات محلية، وعبر مصادر مطلعة وعاملة في المؤسسات الحكومية التابعة للمعارضة، ووفق شهادة لمصدر عامل في مجلس محافظة حلب فإن حالات تعدد الوظيفة في طريقها إلى الانحسار، بعد التقصي عن أمور الموظفين، وأن الأمور باتت في طريقها للحل، وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه : الكثير من هؤلاء الأشخاص، يستفيد من غياب المساءلة في المؤسسات، وعدم اشتراطها على من يرغب بالعمل لديها، أن يكون غير موظف.

من جهته اعتبر المهندس رامي خلف أن مبدأ تعدد الوظائف إشكالية مختلف عليها على الصعيد المحلي والعالمي، وحسمها لا زال أمراً يثير الجدل، لافتاً إلى بطلانها في الحالة السورية، نظراً لحجم الفاقة التي وصل إليها الكثير من السوريين.

وأضاف «في النظــــر إلى جوانب هذه القضية، فإن الأوساط الســــورية المعارضــــة تعاني كثـــيراً من تفشي هذه الظاهرة، بدءاً بالمعارضة السياسية (الائتلاف السوري) وصولاً إلى المؤسسات، ومن ثم المجالس المحلية».

وأوضح أن الكثير من شخصيات المعارضة الوطنية تتولى أكثر من منصب، فعدا توليهم مناصب في الائتلاف والحكومة المؤقتة، هم يتولون أيضاً مناصب دبلوماسية، في الدول التي يقيمون فيها.

وفي المقابل رفض خلف تحميل الفوضى مسؤولية كل ما يجري، معتبراً أن عدة عوامل اجتمعت في الحالة السورية أوصلت الأمور إلى ماهي عليه، ومن أهمها حالة انفصال الداخل السوري عن المحيط الخارجي، الذي لم يرق إلى حجم معاناة الداخل.

المصدر : القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى