لعل من المألوف انتقال عناصر من المعارضة السورية ما بين تشكيل إسلامي وآخر، أو ما بين تشكيل للقوات النظامية وآخر، ولكن من غير المألوف هو ما يوثقه الناشطون في محافظة حماة من عشرات التنقلات التي تحصل بشكل مستمر من قبل عناصر المعارضة السورية التابعين للكتائب الإسلامية بشكل خاص، والمعتدلة منها بشكل عام إلى «تنظيم الدولة»، والملفت في الأمر، هو انهم لم يبايعوا «التنظيم» فحسب، بل ذهبوا طواعية للقتال ضمن صفوفه في الأراضي العراقية ضد قوات «الحشد الشعبي»، في فـترة زمـنية قليـلة للغـاية، ما بين انتسابهم لـ تنظيم الدولة ومغـادرتـهم الأراضـي السـورية نحـو الداخـل العـراقي.
حيث أكدت الناشطة الإعلامية هدير العاصي من محافظة حماة خلال اتصال خاص معها، انضمام أكثر من 30 مقاتلا من أبناء مدينة حماة إلى تنظيم الدولة، عقب مغادرتهم الكتائب الإسلامية التي كانوا منتسبين إليها منذُ سنوات، وأوضحت الناشطة الإعلامية أن جلّ المنتسبين الجدد للتنظيم هم من فصائل مقاتلة في ريف حماة على وجه الخصوص، مؤكدة ان أعداد المنسبين وصلت إلى المئات خلال الفترات السابقة، وان غالبية العناصر الذين بايعوا التنظيم يغادرون مباشرة إلى داخـل الأراضـي العـراقية لقـتال بجـانب التنـظيم هنـاك.
وأردفت ان الغريب في الأمر، هو ان المقاتلين ما ان يتواصلوا مع أحد أقربائهم أو أصدقائهم ممن يقاتلون مع تنظيم الدولة سرعان ما يتم انقلاب الحال لديهم، فتراهم في غضون يومين أو ثلاثة يتخلون عن الكتائب التي يقاتلوا فيها، ويرحلون إلى المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا، وان أولئك العناصر يلتحقون بالتنظيم عن قناعة، وأضافت انهم رأوا ان مناصرة الحق تتطلب انضمامهم للتنظيم، وان الجهاد فرض عين عليهم كونهم مسلمين، وواجب عليهم الدفاع عن الأرض والعرض ودحر الفارسيين عن دول المسلمين .
وقال المقاتل في أحد الكتائب الإسلامية أحمد، أخبرني أحد أصدقائي ممن هو ضمن التشكيل الذي نحن منضمان إليه، بأنه عازم على الرحيل إلى الرقة، والانضمام إلى تنظيم الدولة، لم استوعب الأمر حينها وظننته قال كلامه حينها من باب الفكاهة ليس أكثر، ولكن بعد يومين فقط تفاجأت به وهو قادم لتوديعي، فسألته كيف حصل هذا، وإلى أين ستذهب للتطوع، فأجاباني:لدينا عشر ولايات، تفضل بزيارة لدى الدولة وتعرف عليها عن قرب ولا تسمع خزعبلات الناس وما يفترونه عنها، وأنني تنقلت ما بين جيش الإسلام ثم أحرار الشام وأعرف كل فصيل كيف يفكر، فما عليك سوى أن تركب السيارة وتأتي إلى الرقة فالأمر سهل جدا.
وأكد المصدران ان أعداد المنتسبين لـ التنظيم ازدادت وتيرتها في الآونة الأخيرة، وتجاوز عدد المبايعين له المئات، وكلهم من محافظة حماة، وغالبية المنتسبين له، قرروا الذهاب معه لمواجهة الحشـد الشعبي في العـراق، بينما تسيطر حالات التشنج والرعب على ذويهم، ما بين خوفهم على ذويهم من جهة، وما بين ما قد يحصل لهم في وقت لاحق، بسبب انتساب أبنائهم لـتنظيم الدولة ، وان التشتت سيد الموقف، بسبب خروج الأمر خارج الحدود السورية إلى العراق، ومن لحظة مغادرة أبنائهم المحافظة، لم يعلموا عنهم شيئا، ورأى المصدران، ان انتشار حركة التنقل من الكتائب الإسلامية والجيش الحر إلى تنظيم الدولة كمرض السرطان الذي يصيب جسدا بالأساس هو مريض، وان الخشية ان يكون أولئك المقاتلون سببا آخر يساند تنظيم الدولة في تمدده بالأراضي السورية، وخاصة مع حالة الرفض الشعبي له بغالبية المحافظة السورية، ومحاربته.
وحول أعداد القتلى في صفوف التنظيم خلال معارك العراق، قالت الناشطة الإعلامية، ان الناشطين في حماة، وثقوا مقتل أحد عشر مقاتلا من المحافظة في صفوف التنظيم من محافظة حماة وحدها، موضحة صعوبة توثيق الأرقام الحـقيقية، بسـبب صعـوبة الحصـول على المعلومات الدقيـقة جـراء تكـتم التنظـيم على حجـم خسـائره.
المصدر : القدس العربي