في الذكرى الثانية لوقوعها، ورغم إفلات مرتكبيها من العقاب حتى يومنا هذا.. مواطنون ممن عايشوا “مجزرة الكيميائي” في غوطة دمشق الشرقية، عام 2013، يروون تفاصيلها، ولحظات الذهول والرعب التي واكبت المجزرة التي نجوا منها.
“في تلك الليلة، الموت أحاط بنا من كل مكان، الناس تساقطوا واحدًا تلو الآخر، بعد استنشاقهم الغاز السام الذي أطلقته قوات الأسد على المنطقة، في حين كانت المراكز الطبية تستقبل المصابين، وهي عديمة الحيلة”، بهذه الكلمات بدأ محمد الشامي، من زملكا، بغوطة دمشق الشرقية، حديثه مع الأناضول.
ويعود الشامي بذاكرته للوراء ليستذكر الأحداث قائلًا، “لم نكن قد خلدنا للنوم بعد في تلك الليلة، سمعنا أصوات سقوط صواريخ، اعتقدنا في البدء أنها قذائف مدفعية وهاون، كنا سعداء أنها لم تصبنا، حتى سمعنا أحد ينادي في الشارع، كيماوي.. كيماوي، فعلم الجميع بالخبر، وصعدت الناس إلى أسطح بيوتهم لتفادي تأثير الغازات السامة المنبعثة”.
وأشار الشامي، أنه ومجموعة من رفاقه خرجوا للشوارع، وبدؤوا يطرقون أبواب البيوت لتنبيه ساكنيها للخروج منها، إضافةً إلى قيامهم بكسر أبواب من لا يفتح، حيث كانوا يجدون عائلات بأكملها جثث هامدة في بيوتها.
المواطن أبو عدي، بدوره قال “المئات قتلوا أثناء نقلهم بسيارت الإسعاف، وبعضهم لقي حتفه في النقاط (المراكز) الطبية التي نقلوا إليها.. عدد الضحايا تجاوزوا الألف شهيد”.
أما الطفل عدي، فسرد قائلاً “كنا نائمين فشممنا رائحة غريبة، وأصوات في الخارج، تقول يا ناس استيقظوا.. استقيظوا، كيماوي.. كيماوي، فنهضنا وهرعنا إلى سطح البيت، ورأينا صواريخ تضيء لدى سقوطها، فأغمي على أمي، ونحن بدأنا نشعر بالدوار، فنزلنا إلى الشارع، وقامت سيارة إسعاف بنقلنا إلى نقطتين طبيتين”.
وأضاف، “بعد أن استنشقت الأكسجين، كانت أذني تصغي بدقة لأصوات مكبرات المساجد، التي كانت تذكر أسماء قتلى القصف، وكان ثلاثة منهم من أقربائي”.
أما الطفل أحمد اسما، فقال، “عندما قصفت مدينتنا، تم نقلنا إلى المشفى، وبعد أن تعافينا قليلًا تم إخراجنا من المدينة، ولدى العودة إلى المدينة، علمت أن أصدقائي قد ماتو جميعًا”.
وكانت مناطق خاضعة لسيطرة الثوار في غوطة دمشق، تعرضت في 21 أغسطس/آب 2013، لهجوم بالأسلحة الكيميائية، وغاز الأعصاب، راح ضحيته أكثر من 1400 مدني، جلهم من النساء والأطفال، بحسب منظمات حقوقية محلية ودولية.
واتهمت العديد من المنظمات الإنسانية والمعارضة السورية نظام الأسد، بارتكاب ما عرف إعلاميًا باسم “مجزرة الغوطة”، وهو ما نفاه النظام، فيما قالت منظمة “هيومن رايتس واتش”، إن لديها أدلة قوية، تؤكد تورط قوات الأسد في الهجوم الكيماوي على الغوطة.
من جهته، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع، في 7 أغسطس/آب الجاري، القرار رقم 2235، طالب فيه الأمم المتحدة، بتشكيل لجنة خبراء للتحقيق في استخدام مواد كيمائية في الحرب الدائرة بسوريا.
وتطالب المعارضة السورية، منذ منتصف مارس/آذار 2011، بإنهاء أكثرمن 44 عامًا من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن الأسد اعتمد الخيار العسكري لوقف الثورة الشعبية، ما دفع سوريا إلى دوامة من العنف، ومعارك دموية بين قوات الأسد والثوار، لا تزال مستمرة.
المصدر : الأناضول