أخبار سورية

الصفعة أرحم.. حافظ الأسد كان يفضّل النّطح

أثارت حادثة صفع صحافي سوري، بيد جمال القادري، الأمين العام لنقابات العمال، وأمام وفود عربية وإسلامية وأجنبية، وفي مؤتمر مخصص أصلا لتجميل وجه النظام السوري، كثيرا من ردود الأفعال، خصوصا أن المؤتمر الذي شهد تعرض الصحافي إلى اعتداء من قبل موظف حكومي كبير، شهد أيضاً إشهاراً للسلاح الحربي تهديدا وقمعاً.

إلا أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها صحافي، أو غير صحافي، في سوريا، للصفع والاعتداء أمام الجمهور السوري والدولي.

ففي أرشيف النظام السوري، جذور ممتدة للاعتداء على الناس وصفعهم، ولم يكن تعرض الصحافي السوري للصفع سوى آخرها، لا أخيرها.

حافظ الأسد يعشق نطح خصومه

فقد ذكر وزير الدفاع السوري الأسبق، مصطفى طلاس، في مذكراته، أن الرئيس السوري حافظ الأسد، والد رئيس النظام الحالي، كان يفضّل استخدام النطح، في منازلاته مع خصومه.

وذكر طلاس أنه طلب الإذن من حافظ الأسد حينها لذكر المعلومة، مؤكداً أن الأسد الأب أعطاه موافقته لنشر هذه المعلومة قائلاً: “انشرها أنت أفضل من يأتي أحدٌ غيرك وينشرها”! وينقل طلاس، أن حافظ الأسد، أيام دراسته العسكرية، كان يطلب من بعض رفقائه أن يثبّتوا له الشخص الذي يريد الأسد معاقبته، ثم يتم الإمساك بيدي الضحية وكتفيه، ليتمكن الأسد من توجيه نطحة “نجلاء” من رأسه هو إلى رأس خصمه.

صفعة على الهواء أمام جمهور حوض المتوسط!

ولعل أشهر صفعة سورية مسجلة على الهواء مباشرة، وأمام أعين مشاهدي التلفزيون ومشاهدي المباراة، هي الصفعة التي وجهها المسؤول في اتحاد كرة القدم فاروق سرية، للاعب سامر درويش، عام 1987 في دورة ألعاب المتوسط.

حيث قام المسؤول السوري المذكور، بملاقاة اللاعب درويش على أطراف الملعب، ووجّه له صفعة على وجهه، أمام جمهور مختلط مابين عربي وأوروبي وسوري، وعلى الهواء مباشرة.

ولم تكن المفاجأة بأنه تجرأ وأهان واحداً من أبناء جلدته أمام عيون العالم، فحسب، بل إن المعتدي الحكومي، موجه الصفعة، وبسبب علاقته الحميمة برئيس النظام وقتذاك، حافظ الأسد، لم يعاقب ولم يخضع لأي مساءلة، بل كوفئ في مابعد وتسلم منصب رئيس اتحاد كرة القدم.

علماً أن اللاعب المذكور، كان قد خرج ببطاقة حمراء من الملعب، لخطأ حصل في منطقة جزاء الخصم. وكان خروجه هو العقوبة القانونية التي تفرضها اللوائح.

إلا أن فاروق سرية، أراد أن يشهر له بطاقة حمراء من نوع خاص، فصفعه على الهواء وهو لايزال يضع السيجارة بين أصابعه!

الصفع في المؤسسة العسكرية

الصفع في المؤسسة العسكرية كان السلوك الموحّد لغالبية ضباط الجيش السوري النظامي.

فلقد كان الضباط يقومون بصفع أي عسكري لأي سبب كان، موجهين له مختلف أنواع السباب والشتم بالأم والأب.

والسلوك ذاته كان معتمداً لدى الضباط السوريين في لبنان، فكانوا يضربون العسكري السوري أمام الملأ أو بين زملائه.

وتحولت منهجية الصفع إلى سلوك شبه موحّد لدى الجميع، إلى الدرجة التي لايرد فيها العسكري على هذه الإهانة مخافة أن تطبق عليه اللوائح العسكرية وتقوم بسجنه وتعذيبه هذا إذا لم يقم الضابط بزيادة إهانته أو حتى قتله.كما اشتهرت قوى الأمن بهذه الميزة في سوريا.

ولمن يذكرون فترة الثمانينات، فإن مشهد سيارة المخابرات العسكرية، أو الأمن الجنائي، أو أمن الدولة، أو الأمن السياسي، وهي تتوقف فجأة في الشارع لتصفع مواطناً أو مواطنة، أصبح معتاداً ويوميا ولأي سبب.

وفي حادثة شهيرة، في مدينة الطبقة التي تتبع لمحافظة الرقة ، كان أحد الأولاد الذين لم يتجاوزوا الثانية عشرة من عمرهم، يلعب كرة القدم إنما بحذائه، أي أنه يخلع حذاءه من قدم، ويضرب به من قدمه الأخرى.

وقاده حظه العاثر لأن يضرب بالحذاء ليطير الأخير على سيارة تعبر مسرعة ويصيبها من زجاجها الأمامي.

وهنا حلّت الكارثة.. كانت السيارة تابعة للأمن السياسي في مدينة الطبقة التي كان يسميها النظام مدينة الثورة، وهي الآن بيد “داعش”.

وما إن اصطدم الحذاء بزجاج السيارة، حتى توقفت وعادة خطفاً إلى الخلف، ونزل منها “أشاوس” السياسية، وأمسكوا بالولد الذي هو في الأصل من محافظة إدلب السورية، وأشبعوه صفعاً وشتماً، بعد أن عجز عن نطق كلمة واحدة بسبب شدة الضرب.

هذا جزء بسيط من تاريخ الصفع في النظام السوري. ولعل مايقوم به ثوار ذلك البلد، الآن، هو ردّ بسيط لهذا الدَّين الذي كان يكبّل رقابهم. ولكل من لا يعرف سبب ثورة السوريين على النظام، عليه العودة قليلا إلى الوراء، ليكتشف الحجم الرهيب من قتل بشرية الإنسان السوري من حافظ إلى ابنه بشار.

ومن لايزال يتشكك: منذ أيام قليلة، قام مسؤول حكومي سوري كبير، بصفع صحافي أمام وفود من مختلف أنحاء العالم.

المصدر : العربية 

زر الذهاب إلى الأعلى