لم يعد الانتشار العسكري الروسي في سوريا خافيا، ليس فقط عبر الغارات التي يشنها الطيران الروسي منذ عدة أيام، بل بقاعدة عسكرية تضم مقاتلين روس في حماة، بينما يبدي مؤيدو النظام السوري بالساحل سعادتهم بالانتشار الروسي في شوارع طرطوس واللاذقية.
بدأ التواجد الروسي في سوريا يأخذ ملامح واضحة بعد أن أنشأت مركزا لقواتها البرية في حماة، بينما يُبدي علويون ارتياحا كبيرا تجاه الانتشار الروسي في مدن منطقة الساحل.
فقد أقامت القوات الروسية مركزا لقواتها البرية في معسكر الفروسية بين حيي الصابونية وجنوب الملعب بحماة، بعد أن كان مقرا للفرقة الرابعة، ورفع علم روسيا أعلى المبنى.
وقال الناشط الميداني في حماة أبو اليمان إن “خطة الاحتلال الروسي لسوريا لم تعد خافية على أحد، وها قد بدأت دلائل ذلك من خلال اتخاذ مقرات كبيرة وهامة وسط المدن السورية”.
وأضاف أن استقرار القوات الروسية في معسكر الفروسية والمبنى المجاور خطوة للسيطرة الإستراتيجية والإشراف الإداري والعسكري على المدينة ذات الموقع الإستراتيجي المهم.
وأشار أبو اليمان إلى أن حماة شهدت توترا أمنيا كبيرا عند وصول الضباط والخبراء الروس إليها، حيث نزلوا أولا في فنادق بساحة العاصي إلى حين إفراغ مبنى الفرقة الرابعة بالكامل ونقلهم إليه بموكب من عشرات السيارات والمصفحات العسكرية، فيما يتم قطع طرق المدينة ليلا تحسبا من عمليات عسكرية ينفذها الثوار.
من جانبه، يقول القيادي في الجيش الحر أبو الحمزة إن روسيا وضعت أكثر من 1050 عنصرا داخل مدينة حماة، بحسب إحصائيات وردتهم من داخل أجهزة المخابرات السورية، بينهم مئتا عنصر في مبنى معسكر الفروسية، وخمسمئة بالفوج 45 الواقع جنوب غربي مطار حماة العسكري، مجهزين بكامل أسلحتهم وعتادهم، وخمسون في معسكر دير شميّل في منطقة مصياف بريف حماة الغربي، وثلاثمئة في منطقة جورين والقرى المحيطة بها غربي حماة.
وأضاف للجزيرة نت أن هناك نحو ألفي عنصر روسي في مدينتي اللاذقية وطرطوس بحسب ما ورده من داخل النظام. كما تحدّث عن وجود أربعين طائرة مروحية روسية داخل مطار الشعيرات في ريف حمص، وعدد من الطائرات الحربية من نوع سوخوي 25 التي تقصف قرى وبلدات ريفي حماة وحمص.
آلاف المقاتلين
أما الناشط أبو الفاروق فأشار إلى مشاهدة أرتال من الآليات العسكرية الروسية في مناطق ريف حماة الغربي، بينها راجمات صواريخ عيار 122 ملم نوع غراد، و18 راجمة صاروخية، وسيارات محملّة بالذخيرة، مثبتة على سيارة منها رشاشات ثقيلة، وعربات عسكرية طراز DTP80 وعربات ناقلة جند ترفع العلم الروسي.
وأضاف أن معلومات وردتهم من ضباط النظام بأن روسيا تتجه إلى نشر أكثر من عشرة آلاف مقاتل في سوريا قريبا، مشيرا إلى اجتماع مغلق بين ضباط النظام من دمشق وآخرين من وجهاء الطائفة العلوية تحدثوا فيه عن خطّة روسية لجلب 48 ألف مقاتل روسي خلال السنوات القادمة. وأفاد -في حديثه للجزيرة نت- بأن القوات الإيرانية بدأت بإخلاء اللواء 47 جنوبي حماة لتحويله لمعسكر للقوات الروسية.
ابتهاج علوي
وعلى صعيد متصل، يبدي مؤيدو النظام السوري في منطقة الساحل سعادتهم بالانتشار الروسي في شوارع طرطوس واللاذقية.
ويقول علي الأحمد -من سكان طرطوس- إن “العلويين باتوا يرون في روسيا المنقذ الوحيد من الأزمة السورية، فمظاهر الابتهاج والفرح جلية من خلال إطلاق الرصاص في مدينة طرطوس التي تشهد تجمعات علنية لهم في الأسواق والمحلات العامة، بخلاف باقي مدن الساحل السوري التي يتسم فيها انتشارهم بالحذر التام”.
ويعزو الأحمد ميل المؤيدين للانتشار الروسي أكثر “كونه علمانيا، بينما الوجود الإيراني قائم على المذهبية الدينية، بالإضافة إلى أنه يحقق مصالحهم أكثر في المنطقة، فإيران بالنسبة لهم تحقق مشروعها التوسعي، بينما القوات الروسية أتت لتثبيت النظام السوري”، على حد قوله.
ويؤكد ناشطون من اللاذقية سماع أصوات تحليق طيران منخفض بشكل مستمر على مدار اليوم منذ الحديث عن وصول دفعات من الطيران الحربي إلى مطار حميميم قرب جبلة، والبدء بعمليات القصف ضد مناطق عسكرية تابعة للمعارضة السورية في ريف إدلب واللاذقية.
ويفسر الإعلامي براء وليد ندرة الانتشار الروسي في اللاذقية باعتبار المدينة تشكل “معقلا للخلايا النائمة التابعة للثوار في الساحل، وخاصة مع انتشار أخبار بتفكيك المخابرات السورية سيارات مفخخة على أطراف اللاذقية، بخلاف طرطوس ذات الطابع الهادئ التي لم يسجل فيها أي قصف أو انفجارات”.
وعن إمكانية مواجهة الانتشار العسكري في ريف اللاذقية من قبل المعارضة السورية، يقول القائد الميداني بالفرقة الساحلية المقدم إبراهيم أبو محمود إن هناك اختلافا كبيرا بين الانتشار الروسي الحالي في سوريا والحرب الأفغانية الروسية.
ويؤكد أن روسيا تعتمد في سوريا على العمليات النوعية عبر الطيران الحربي، كما أن الجيش الروسي في نظر مؤيدي النظام ليس جيش احتلال، بل هو جيش منقذ وصديق وبالتالي التعامل معه ليس بطريقة الحرب المفتوحة والمواجهة المباشرة.
المصدر : الجزيرة