أخبار سوريةدمشق

كابوس القتال مع الأسد يمنع السوريين من النوم!

تعود ذكريات أهل دمشق، في هذه الأيام، الى الحقبة التي كانت السلطات العثمانية تسوق شبّانهم الى الخدمة في قوّاتها المنتشرة في عدد من بقاع العالم.

وإن كانت الدراما السورية في السنوات الأخيرة، قد نقلت بعض هذه الأجواء في أعمالها التي لقيت رواجاً وشهرة بين المشاهدين.

إلا أن الأمر تحول الى واقع، لدى أهل دمشق، الآن، عندما أخذ الشبان يختبئون في بيوتهم، مخافة أن يقبض عليهم عناصر من جيش الأسد لاقتيادهم قسراً الى خدمة “الاحتياط”.

فقد بدأت الأخبار التي تتناقلها صحف محسوبة على النظام ، ومنها صحف لبنانية، تتحدث عن تذمر واستياء أهل دمشق بسبب توقيف النظام لأبنائهم على الحواجز واقتيادهم قسراً للقتال في جيش الأسد.

ونقلت تلك الصحف مشاهدات لأمهات أو زوجات تم توقيف أبنائهن أو أزواجهن أمام أعينهن وسوقهم كرهاً وغصبا للانخراط في قوات الأسد التي تعاني نقصاً فادحاً في الضباط والجنود.

كتائب عشوائية تابعة للأسد تسوق الرجال أمام زوجاتهم وأمهاتهم

وما أثار استياء دمشقيين كثر، هو أن الذين يقومون باعتقال الأشخاص وسوقهم الى خدمة الاحتياط، لايتبعون بالضرورة الى الجيش الرسمي للنظام، بل يتبعون الى كتائب مسلحة تابعة للنظام.

وهي تنظيمات عشوائية مدعومة ماليا وأمنيا من نظام الأسد، تجوب الشوارع والمفارق وتنصب الكمائن وتوقف الأشخاص وتعتقل من تريد منهم وتسوقهم الى الخدمة مكرهين في جيش الأسد.

وأمام عين الزوجة، أو الأم، أو الأخت، أو الأبناء، يتم القبض على البعض، ودون سابق إنذار، كما حصل مع العديد منهم.

ودون أن يعطى فرصة لإنجاز عمل يتعلق بعائلته خصوصا في هذه الفترة التي تحولت فيها هموم الأسرة السورية الى واقع ضاغط على أفرادها في كل الاتجاهات. فقد بدأت صحف محسوبة على نظام الأسد، بنقل الاستياء الذي أصاب أهل العاصمة، من نصب “كمائن” للشبان واقتيادهم للالتحاق بالخدمة العسكرية.

وبخاصة أن النظام نفسه، وبسبب “الاهتراء” الذي أصابه على مختلف الصعد، فقد بدا عاجزاً حتى عن إرسال تبليغات روتينية الى المراد إخبارهم بالالتحاق في صفوفه في مايعرف بـ”خدمة الاحتياط” وهي التي يندرج في عنوانها العريض أعمار تصل الى مافوق الأربعين سنة!

خسائر النظام والضغط الروسي وراء الظاهرة

في كل التقارير التي كانت تتحدث عن انهيار جيش الأسد، برزت نقطة أساسية جامعة مابينها، وهي حالة السكون التي كانت تخيم على الأعمال العسكرية التي تدور في مختلف المناطق.

وكان نظام الأسد يتهرب من النقص العددي في جنوده، من خلال تكثيف القصف على المناطق المدنية التي تقطنها المعارضة السورية، ماخلّف آلافا من الضحايا الأبرياء أطفالا ونساء وشيوخاً.

إلا أن التدخل العسكري الروسي، عبر الضربات الجوية، ضغط على النظام لتحقيق مكاسب ما على الأرض. وهنا بدأت أزمة السوريين التي استجدت بعيد الضربات العسكرية الروسية.

فقد ذكر الرئيس الروسي بوتين، وأكثر من مرة، أن الضربات العسكرية الجوية “غير كافية” ليحقق النظام أي مكسب على الأرض.

وقد ذكر “الكرملين” ذلك الأمر مرارا. إلا أن النظام الذي فقد الكثير من عناصره وضباطه لم يكن يمتلك المقدرة العسكرية ولافي “أي شبر” على الأرض السورية كما يعلم الروس والجميع.

فقد كان ضباط الأسد وجنوده في مختلف القطاعات يستنجدون ويستغيثون طلبا للمساعدة وكان النظام عاجزا عن ذلك، كما حصل في مطار “كويرس” العسكري ومطار “الطبقة” ومناطق في إدلب وحلب سواها.

فلجأ نظام الأسد، وبعيد التدخل العسكري الروسي، لتلافي النقص في عديد جنوده وضباطه، من خلال دعوات الى الاحتياط باتت تشمل صغار السن وكبارهم حتى لو بلغ الواحد منهم الـ 44 عاماً من عمره.

وقد استخدم النظام تكتيك المباغتة ونصب الكمائن، كيلا يتمكن العنصر الذي سيتم اقتياده، من الفرار أو الاختباء.

وذكرت مصادر مختلفة، أن هذا هو السبب بعدم قيام النظام بإبلاغ المكلّف بالاحتياط، لأن نظام الأسد بات على قناعة كاملة بأن شبان المجتمع السوري، وحتى في بيئته الحاضنة نسبيا، لايريدون الانخراط في الخدمة العسكرية التي باتت تعني لهم إمّا قتل أنفسهم وتشريد عائلاتهم، أو قتل سوريين آخرين وتشريد عائلاتهم. وأن النتيجة مابين هذا وذاك، هو ملايين اللاجئين والنازحين ودمار البلد.

لكن الضغط الروسي الهائل لأن يحقق النظام مكاسب على الأرض، عبر نشر جنود تابعين له، هنا أو هناك، دفعت نظام الأسد الى ملاحقة الشبان السوريين في الشوارع، ونصب الكمائن لهم، ثم القبض عليهم واقتيادهم الى الاحتياط، وأمام عيون زوجاتهم أو أمهاتهم أو أبنائهم.

سقوط الاستثناء الدمشقي ونهاية الأسد!

وللدلالة على حجم الازمة التي يعاني منها نظام الأسد، في نقص عدد جنوجه وضباطه وهزائمه المتلاحقة، هو أنه لجأ في الفترة الأخيرة الى اقتياد أهل دمشق الى الاحتياط، بعدما كان لأهل الشام “معاملة خاصة” من النظام من أيام الأسد الأب.

وهو “تكتيك” كان يلجأ اليه حافظ الأسد لضمان ولاء أبناء العاصمة وولاء المحافظات الرئيسية الكبرى، من خلال “تسهيل” خدمتهم العسكرية وجعلها بالقرب من أماكن سكنهم وأن لاتكون متضمنة لمخاطر أو صعوبات.

وبعضها كان يتم من خلال الرشى إذا لم يكن بالمقدور “إمرارها” بالاجراءات الروتينية المعمول بها.

الآن، وبسبب حاجة الأسد الملحة والعاجلة للجنود، فإنه أسقط الاستثناء الدمشقي من حساباته، إلى درجة ان كثيرا من الطلاب الذين لم يستطيعوا الحصول على تأجيل دراسي، فقد بدأوا يختبئون هربا من أن يسوقهم النظام للقتال معه. فمجرد الخدمة في جيش الأسد باتت كابوساً يدهم نوم السوريين الذين باتوا يفضّلون السهر والأرق مخافة أن يعاجلهم برعبه على وسائدهم.

الآن الأصوات بدأت تعلو احتجاجاً، ومن قلب العاصمة دمشق. وأشهر دعابة يتم تناقلها بين الناس هناك هي التي تتحدث عن حسن حظ الابن الوحيد لأهله.

كون الوحيد لأهله لايخدم في الجيش ولايستدعى الى الاحتياط. ومالم يكن بالحسبان، وماكان يعتبر مجرد دراما تاريخية ترصد حاجة الدولة العثمانية للجنود، ونقلتها الدراما السورية في أعمال كثيرة شهيرة، أصبح الآن واقعاً حقيقيا لأهل دمشق الآن مع حاجة الأسد الملحة للجنود والضباط.

وإن كانت حاجة الدولة العثمانية لتجنيد السوريين في مامضى، قد سبقت انهيار السلطنة، فإن مراقبين كثرا يعتبرون مايحصل مع حاجة الأسد للجنود، أحد أهم المؤشرات على نهاية نظامه العسكري، بعد نهاية نظامه السياسي منذ فترة طويلة بعين السوريين والعالم.

المصدر : العربية 

زر الذهاب إلى الأعلى